للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَوْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ لَا بَعْضُهُمْ جَازَ بِقَدْرِ مَا أُجِيزَ، وَبَطَلَ الْبَاقِي إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَنْفُذُ الْوَقْفُ فِي الْكُلِّ، وَمَنْ لَمْ يُجِزْهُ لَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ لَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ ذَلِكَ، وَيَشْتَرِي بِهَا أَرْضًا، وَيُوقِفُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ كَذَا فِي الْوَقْفِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

لَوْ أَبْرَأَ الْقَيِّمُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَيَضْمَنُ.

وَلِلْمُتَوَلِّي صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إلَى كِتَابَةِ الْفَتْوَى وَمَحَاضِرِ الدَّعْوَى لِاسْتِخْلَاصِ الْوَقْفِ، وَإِسْرَاجِ السُّرُجِ الْكَثِيرَةِ فِي السِّكَكِ وَالْأَسْوَاقِ لَيْلَةَ الْبَرَاءَةِ بِدْعَةٌ، وَكَذَا فِي الْمَسَاجِدِ، وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ، وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَسْرَفَ فِي السَّرْج فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَيَجُوزُ الْإِسْرَاجُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فِي السِّكَّةِ أَوْ السُّوقِ.

وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَمْعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَضْمَنُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى أَنْ يُنْفَقَ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ، وَيُنْفَقُ فِي سِرَاجِهِ وَنَحْوِهِ، قَالَ هِشَامٌ. فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ عَلَى قَنَادِيلِهِ، وَسُرُجِهِ، وَالنَّفْطِ، وَالزَّيْتِ.

كُتِبَ إلَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ هَلْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَرَاوِحَ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: لَا، الدُّهْنُ وَالْحُصْرُ وَالْمَرَاوِحُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ إنَّمَا مَصَالِحُهُ عِمَارَتُهُ أَبُو حَامِدٍ الدُّهْنُ وَالْحُصْرُ مِنْ مَصَالِحِهِ دُونَ الْمَرَاوِحِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، وَأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ.

انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ فَلَمْ يَحْفَظْهُ الْقَيِّمُ حَتَّى ضَاعَتْ خُشُبُهُ يَضْمَنُ، وَلَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ إذَا وَقَعَ الده ياترده إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ ذَلِكَ الظُّلْمَ.

اشْتَرَى الْقَيِّمُ مِنْ الدَّهَّانِ دُهْنًا، وَدَفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ أَفْلَسَ الدَّهَّانُ لَمْ يَضْمَنْ. قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ رَأَى الْقَيِّمُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُهْدَمْ الْمَسْجِدُ الْعَامُّ يَكُونُ ضَرَرُهُ فِي الْقَابِلِ أَعْظَمَ فَلَهُ هَدْمُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَلَّةٌ لِلْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ فَاسْتَقْرَضَ الْعَشَرَةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي سَنَةٍ، وَاشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ يَرْجِعُ فِي غَلَّتِهِ بِعَشَرَةٍ، وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ.

وَلَوْ ضَمِنَ الْقَيِّمُ مَالَ الْوَقْفِ بِاسْتِهْلَاكٍ ثُمَّ صَرَفَ قَدْرَ الضَّمَانِ إلَى الْمَصْرِفِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلِلْقَيِّمِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِضَرُورَةِ الْعِمَارَةِ لَا يُقِيمُ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ، وَالْمُخْتَارُ مَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَأَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ يَرْفَعُ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرُهُ بِهَا فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ فِي الْغَلَّةِ، وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْخُذَ مَا فَضَلَ مِنْ وَجْهِ عِمَارَةِ الْمَدْرَسَةِ دَيْنًا لِيُفَرِّقَهُ إلَى الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ احْتَاجُوا إلَيْهِ.

لِلْقَيِّمِ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ إنْ عَمَّمَ الْقَاضِي التَّفْوِيضَ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا.

اجْتَمَعَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَيْءٌ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ دَارًا لِلْوَقْفِ وَلَوْ فَعَلَ وَوَقَفَ يَكُونُ وَقْفُهُ، وَيَضْمَنُ، وَأَفْتَى مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ وَقِيلَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ، وَيَبِيعَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ.

وَلَوْ اشْتَرَى بِالْغَلَّةِ حَانُوتًا لِيُسْتَغَلَّ، وَيُبَاعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْجَوَازِ.

مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا أَجَرَ وَقْفًا بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا لِأَنَّ الْخَصَّافَ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا، وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ فَقِيلَ لَهُ أَتُفْتِي بِهَذَا قَالَ: نَعَمْ، وَجْهُ مَا قَالَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ أَبْطَلَ بِتَسْمِيَتِهِ مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى إلَى تَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ

<<  <   >  >>