وَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ الْحَمَّالُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ السَّمْنَ لِأَنَّ السَّمْنَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ بَعْدُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّالِ بِدُونِ التَّسْلِيمِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ حَمَلَهُ الْحَمَّالُ ثُمَّ وَضَعَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ ثُمَّ أَرَادَ رَفْعَهُ فَاسْتَعَانَ بِرَبِّ الزِّقِّ فَرَفَعَاهُ لِيَضَعَاهُ فَوَقَعَ وَتَخَرَّقَ فَالْحَمَّالُ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ صَارَ فِي ضَمَانِهِ حِينَ حَمَلَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ بَعْدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ وَوَلَّى مِنْ بَيْتِ صَاحِبِهِ ثُمَّ أَنْزَلَهُ الْحَمَّالُ مَعَ صَاحِبِ الزِّقِّ مِنْ رَأْسِ الْحَمَّالِ فَوَقَعَ مِنْ أَيْدِيهِمَا فَالْحَمَّالُ ضَامِنٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ مُحَمَّدٌ.
وَقَالَ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الزِّقَّ وَصَلَ إلَى يَدِ صَاحِبِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: الْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ الْحَمَّالُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ الزِّقَّ وَقَعَ مِنْ فِعْلِهِمَا وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَفْتَوْا بِهِ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ وَالْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْوَجِيزِ وَضَعَ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلَّلَ لِأَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ يَدَ الْحَمَّالِ كَانَتْ ثَابِتَةً عَلَى الْمَتَاعِ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَبِإِنْزَالِهِمَا لَمْ تَزُلْ يَدُ الْحَمَّالِ فَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ عَنْهُ اهـ وَإِذَا سُرِقَ الْمَتَاعُ مِنْ رَأْسِ الْحَمَّالِ وَرَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُ لَا يَضْمَنُ كَذَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ وَقَدْ مَرَّتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مَعَهُ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا مِنْ الْمُشْتَمِلِ.
أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَحْمِلَ الْحَقِيبَةَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَانْشَقَّتْ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْحَقِيبَةِ الْحَمَّالُ إذَا كَانَ يَحْمِلُهَا عَلَى عُنُقِهِ فَعَثَرَ وَأَهْرَقَ وَصَاحِبُهَا مَعَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ مِنْ مُزَاحِمَةِ النَّاسِ إيَّاهُ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَحَمَ النَّاسَ حَتَّى انْكَسَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ وَقْتَ الْكَسْرِ وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِإِزَاءِ مَا حَمَلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْحَمْلِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ دَنًّا فَعَثَرَ وَانْكَسَرَ ضَمِنَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ الْعِثَارُ وَهَذَا لَوْ انْكَسَرَ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ أَمَّا لَوْ وَقَعَ بَعْدَمَا انْتَهَى إلَى الْمَقْصِدِ فَلَهُ الْأَجْرُ بِلَا ضَمَانٍ كَذَا عَنْ صَاعِدٍ الْقَاضِي لِأَنَّهُ حِينَ انْتَهَى لَمْ يَبْقَ الْحِمْلُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إذْ وَجَبَ لَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ فَصَارَ الْحِمْلُ مُسَلَّمًا إلَيْهِ أَيْ إلَى مَالِكِهِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ الْحَبْسَ بِأَجْرٍ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ عَمَلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا وَهَذَا بِخِلَافِ قَصَّارٍ قَصَّرَ الثَّوْبَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ حَيْثُ لَا ضَمَانَ وَلَا أَجْرَ إذْ عَمَلُ الْقَصَّارِ إنَّمَا يُفْعَلُ لِلْمَالِكِ إذَا سَلَّمَ الثَّوْبَ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلَوْ انْكَسَرَ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ بِلَا عَمَلِهِ بِأَنْ أَصَابَهُ حَجَرٌ أَوْ كَسَرَهُ رَجُلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَهُوَ عَلَى رَأْسِهِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: مَا حُكِيَ عَنْ صَاعِدٍ يُوَافِقُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ آخِرًا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَوَّلًا يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ وَلَوْ انْتَهَى إلَى الْمَقْصِدِ قُلْتُ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا فِي الْأَجِيرِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي مَسْأَلَةِ الزِّقِّ.
اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ لَهُ طَعَامًا إلَى مَكَانِ كَذَا فَحَمَلَ إلَيْهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَكَانِ حَمَلَ فِيهِ سَقَطَ الْأَجْرُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَيَصِيرُ غَاصِبًا بِرَدِّهِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ إلَى حَقِيبَتِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ.
لَوْ انْقَطَعَ حَبْلُ الْحَمَّالِ وَسَقَطَ الْحِمْلُ ضَمِنَ وِفَاقًا لِشَدِّهِ بِحَبْلٍ لَمْ يَحْتَمِلْهُ فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَهُ فَتَلِفَ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ وَقَدْ مَرَّتْ عَنْ الْفُصُولَيْنِ لَوْ انْشَقَّتْ الْحَقِيبَةُ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا ضَمِنَ الْحَمَّالُ كَانْقِطَاعِ الْحَبْلِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: وَلَا يُشْبِهُ انْقِطَاعُ الْحَبْلِ إذْ التَّفْرِيطُ ثَمَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute