الْوُقُوعِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي الْإِقْرَارِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ يُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَحْلِفُ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي زَمَنِ الْإِقْرَارِ وَالْأَصَحُّ التَّحْلِيفُ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ ادَّعَوْا أَمْرًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُقَرُّ لَهُ لَلَزِمَهُ وَإِذَا أَنْكَرَ يَسْتَحْلِفُ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْيَمِينُ عَلَيْهِمْ بِالْعِلْمِ أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا مِنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ.
لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَالَهُ قِيمَةٌ، وَإِنْ بَيَّنَ مَالَهُ قِيمَةٌ، وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَادَّعَى مَالًا آخَرَ بَطَلَ إقْرَارُهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا ادَّعَى لِلْمُقَرِّ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ بَيَّنَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يَقْصِدُ بِالْغَصْبِ كَالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخَ يَصِحُّ بَيَانُهُ.
وَقَالَ مَشَايِخُ بُخَارَى لَا يَصِحُّ بَيَانُهُ، وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ مَالًا مُتَقَوِّمًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِغَصْبِ شَاةٍ أَوْ عَبْدٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَعْيِينِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ هَالِكًا مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ يَلْزَمْهُ أَدْنَى مَا يَغْصِبُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ.
وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَبْدٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ ثُمَّ أَنْكَرَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ عَبْدٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ وَسَطٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ.
وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ أَوْ شَيْءٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْبَيَانِ.
أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ مِلْكٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُبَيِّنَ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ رُبُعٌ حَتَّى يَصِلَ إلَى مِقْدَارٍ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَقَلَّ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ ثُمَّ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الزِّيَادَةِ، وَإِنْ قَالَ: حِصَّةُ هَذَا الْجِذْعِ أَوْ الْبَابِ الْمُرَكَّبِ أَوْ الْبِنَاءِ بِغَيْرِ أَرْضٍ أَوْ حَقِّ الزِّرَاعَةِ أَوْ أَمْسَكَنِي إيَّاهُ جَارُهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَصَلَ بِكَلَامِهِ.
وَلَوْ قَالَ لِي فِي هَذَا الْبُسْتَانِ حَقٌّ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِنَخْلَةٍ بِأَصْلِهَا مِنْ الْأَرْضِ.
قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذِهِ الْغَنَمِ شَرِكَةٌ أَوْ شَرِيكِي فِيهَا، وَهِيَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَلَهُ النِّصْفُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ شَرِكَةٌ فِيهَا فَلَهُ النِّصْفُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْبَيَانُ لِلْمُقِرِّ.
أَقَرَّ بِشَاةٍ فِي غَنَمِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ: اُدْعُ بِأَيِّ شَاةٍ شِئْت وَاسْتَحْلَفَ الْمُقِرَّ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ بِالشَّرِكَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: فُلَانٌ شَرِيكِي فِي غَنَمِي بِقَدْرِ شَاةٍ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى الْمُقِرِّ شَاةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا أَعْطَاهُ أَيَّةَ شَاةٍ كَانَتْ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدَةً مِنْهَا، وَقَالَ: لَا أَدْرِي فَهُوَ شَرِيكُهُ إنْ كَانَ الْغَنَمُ عَشَرَةً فَلَهُ عَشْرٌ: كُلُّ شَاةٍ مِنْهَا فِيمَا يَمْلِكُ وَيَلِدُ عَلَى الْحَقِيرِ وَلَوْ مَاتَ فَوَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْبَيَانِ.
أَقَرَّ بِحَائِطٍ لِرَجُلٍ فَلَهُ الْحَائِطُ بِأَرْضِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِأُسْطُوَانَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ آجُرِّ فَلَهُ مَا تَحْتَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ فَلَهُ الْخَشَبَةُ دُونَ الْأَرْضِ وَإِنْ أَمْكَنَ رَفْعُهَا بِغَيْرِ ضَرَرٍ أَخَذَهَا الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا إلَّا بِضَرَرٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ.
أَقَرَّ لَهُ بِبِنَاءِ هَذِهِ الدَّارِ كَانَ لَهُ الْبِنَاءُ دُونَ الْأَرْضِ.
وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِنَخْلَةٍ كَانَتْ لَهُ بِأَصْلِهَا مِنْ الْأَرْضِ.
وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بِنَاءَهَا، أَوْ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي، وَالْأَرْضُ لِفُلَانٍ، أَوْ هَذَا الْبُسْتَانُ لِفُلَانٍ، وَالنَّخْلُ لِي، أَوْ هَذِهِ الْجُبَّةُ مِنْ الْكَتَّانِ لِفُلَانٍ الظِّهَارَةُ وَالْبِطَانَةُ لِي لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بَيْتًا مُعَيَّنًا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا لَمْ يُصَدَّقْ.
وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ، وَلَكِنَّ هَذَا الْبَيْتَ لِي فَكُلُّهَا لِفُلَانٍ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا، وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ خَطًّا بِخَطِّ يَدِهِ عَلَى إقْرَارٍ لَهُ بِذَلِكَ الْمَالِ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّهُ فَاسْتَكْتَبَ فَكَتَبَ فَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمَا خَطَّا كَاتِبٍ وَاحِدٍ قَالَ أَئِمَّةُ بُخَارَى: إنَّهُ حُجَّةٌ يُقْضَى بِهَا، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ