لِأَنَّهُ صَرْفٌ، وَإِقْرَارُهُ بِالْعَيْبِ، وَإِنْكَارُهُ سَوَاءٌ فِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ الرَّدُّ وَأَمَّا فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ فَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَكُونُ صُلْحًا عَنْ الثَّمَنِ بَلْ عَنْ حَقِّ الرَّدِّ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي ذَلِكَ بِمَالٍ فَيَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ جَانَسَ الثَّمَنَ أَوْ لَا حَالًّا أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى كَيْلِيٍّ أَوْ وَزْنِيٍّ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ وَأَمَّا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِنَقْصِ الْعَيْبِ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ ادَّعَتْ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا، وَأَنْكَرَ زَوْجُهَا فَصَالَحَهَا عَلَى أَنْ تُبَرِّئَهُ مِنْ الدَّعْوَى لَمْ يَصِحَّ، وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ، وَهِيَ عَلَى دَعْوَاهَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ خُلْعًا.
وَلَوْ ادَّعَتْ تَطْلِيقَةً بَائِنًا، فَصَالَحَهَا عَلَى مَالِ عَلَى تَطْلِيقِهَا وَاحِدًا بَائِنًا جَازَ، فَيَكُونُ خُلْعًا فِي حَقِّهِ وَدَفْعًا لِظُلْمِهِ فِي حَقِّهَا، فَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ بَعْدَهُ، وَشَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعْته مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
كُلُّ مَا صَلَحَ بَدَلًا فِي الْبَيْعِ صَلَحَ بَدَلًا فِي الصُّلْحِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الصُّلْحُ عَلَى حَيَوَانٍ إلَى أَجَلٍ وَعَلَى أَلْفٍ إلَى الْحَصَادِ، وَلَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّعْوَى فِي الْغَنَمِ عَلَى الْغَنَمِ عَلَى أَنَّ لِلْمَطْلُوبِ أَوْ لِلطَّالِبِ الْأَوْلَادَ كُلَّهَا سَنَةً لَا يَجُوزُ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى صُوفِ غَيْرِهَا قِيلَ: يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى أَلْبَانِهَا فِي ضُرُوعِهَا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى مَخَاتِيمِ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَا يَجُوزُ.
وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ عَلَى أَنْ يَصْبُغَهُ بِعُصْفُرٍ أَوْ يَخِيطَهُ لَهُ قَبَاءً أَوْ يَحْشُوَهُ أَوْ يُبَطِّنَهُ لَا يَجُوزُ.
وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَعْوَاهُ فِي دَارٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ فَالْعَبْدُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ خَدَمَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَخْدُمْهُ فَإِنْ خَدَمَهُ لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ، وَإِنْ لَمْ يَخْدُمْهُ يَبْطُلُ وَيَرْجِعُ إلَى دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ، وَلَا يَضْمَنُ الْمُعْتَقُ شَيْئًا لِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ، وَلَوْ قَتَلَهُ صَاحِبُ الْعَبْدِ لَا يَضْمَنُ، وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ فِيمَا لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ قَتَلَهُ صَاحِبُ الْخِدْمَةِ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَيُنْقَضُ الصُّلْحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَلَا يُنْقَضُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
الصُّلْحُ عَنْ الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَهْلَكِ عَلَى أَلْفٍ إلَى سَنَةٍ وَالْمَغْصُوبُ مِثْلِيٌّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا يَجُوزُ.
ظُلَّةٌ عَلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ فَخَاصَمَهُ رَجُلٌ، فَأَرَادَ طَرْحَهَا فَصَالَحَهُ عَلَى التَّرْكِ لَا يَجُوزُ قَدِيمَةً كَانَتْ أَوْ حَادِثَةً أَوْ لَا يَعْلَمُ، وَلَوْ صَالَحَ مَعَ الْإِمَامِ جَازَ إذَا رَأَى فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَضَعُ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى الطَّرْحِ، فَإِنْ كَانَ الْمُخَاصِمُ دَفَعَ الْمَالَ لِرَبِّ الظُّلَّةِ جَازَ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً أَوْ لَا يَعْلَمُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَأَخَذَ الْمُخَاصِمُ الدَّرَاهِمَ بِتَرْكِهَا لَا يَجُوزُ إنْ كَانَتْ قَدِيمَةً، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً فَإِنْ كَانَ فِي السِّكَّةِ مَعَهُ غَيْرُهُ فَصَالَحَهُ عَلَى التَّرْكِ مِنْ نَصِيبِهِ جَازَ ثُمَّ الشُّرَكَاءُ إنْ تَرَكُوا الظُّلَّةَ يَسْلَمُ لَهُ جَمِيعُ بَدَلِ الصُّلْحِ فَإِنْ رَفَعُوا الظُّلَّةَ هَلْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الظُّلَّةِ عَلَى الْمُصَالِحِ بِجَمِيعِ الْبَدَلِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ جَمِيعِ الظُّلَّةِ يَصِحُّ فِي نَصِيبِهِ، وَيَتَوَقَّفُ فِي نَصِيبِ شُرَكَائِهِ ثُمَّ قِيلَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّتِهِ وَقَالَ: الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الظُّلَّةُ لَا يُعْرَفُ حَالُهَا لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى الطَّرْحِ، فَإِنْ كَانَ الْمُخَاصِمُ دَفَعَ الْمَالَ لِيَطْرَحَ، وَهِيَ قَدِيمَةٌ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ حَدِيثَةً قِيلَ: لَا يَجُوزُ وَنَصَّ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ يَجُوزُ.
وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ سُكْنَى دَارٍ أَوْ زِرَاعَةِ أَرْضٍ سَنَةً أَوْ رُكُوبِ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا وَقْتًا مَعْلُومًا أَوْ عَلَى مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ سَنَةً جَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute