عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ وَكَاتَبَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا يَدْخُلُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ أُمِّهِ فِي كِتَابَتِهَا وَكَانَ كَسْبُهُ لَهَا؛ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأُمِّ أَرْجَحُ حَتَّى لَوْ قُتِلَ ذَلِكَ الْوَلَدُ يَكُونُ قِيمَتُهُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
وَالْكِتَابَةُ مُتَجَزِّئَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا تَتَجَزَّأُ حَتَّى لَوْ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ جَازَ ذَلِكَ وَصَارَ كُلُّهُ مُكَاتَبًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يُقْتَصَرُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي كَاتَبَ مِنْهُ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبَةَ عَتَقَ مِنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَسَعَى بِمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يُطَالِبَهُ فِي الْحَالِ وَلَكِنْ يَجْعَلُهُ مُنَجَّمًا بِحَسَبِ طَاقَتِهِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا اكْتَسَبَ الْعَبْدُ مَالًا قَبْلَ الْأَدَاءِ فَنِصْفُهُ لَهُ، وَالنِّصْفُ لِلْمَوْلَى عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا الْكُلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ كُلُّهُ أَمَّا لَوْ اكْتَسَبَ بَعْدَ الْأَدَاءِ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ بِالِاتِّفَاقِ إمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّ النِّصْفَ مِنْهُ عِتْقٌ بِالْأَدَاءِ، وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ هُوَ مُسْتَسْعًى كَالْمُكَاتَبِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِجَمِيعِ كَسْبِهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ.
وَإِنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْمَوْلَى إلَيْهِ عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ جَازَتْ الْكِتَابَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيُقْسَمُ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ وَقِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ وَتَبْطُلُ حِصَّةُ الْعَبْدِ وَيَكُونُ مُكَاتَبًا بِمَا بَقِيَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الْكِتَابَةُ وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى خِدْمَتِهِ أَبَدًا وَقَبِلَ الْعَبْدُ فَسَدَتْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنْ أَدَّى الْعَبْدُ الْأَلْفَ عَتَقَ بِحُكْمِ الشَّرْطِ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَلْفُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ سَعَى فِي تَمَامِ قِيمَتِهِ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَسْتَرِدُّ الْفَضْلَ مِنْ الْمَوْلَى عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ يَسْتَرِدُّ.
وَإِذَا كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَوَلَدَتْ الْأَمَةُ وَلَدًا، ثُمَّ مَاتَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْعَقْدَ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَا تَصِحُّ إجَازَةُ الْمَوْلَى وَعِنْدَهُمَا لَا تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهَا وَإِذَا أَجَازَهَا سَعَى الْوَلَدُ عَلَى نُجُومِ أُمِّهِ فَإِذَا أَدَّى عَتَقَتْ الْأُمُّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهَا وَعَتَقَ وَلَدُهَا مِنْ الْحَقَائِقِ.
إذَا قَتَلَ الْمُكَاتَبُ رَجُلًا خَطَأً فَصَالَحَ وَلِيَّ الْقَتِيلِ عَلَى مَالٍ أَوْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ أَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ عَمْدًا، ثُمَّ صَالَحَ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُؤَدِّ بَدَلَ الصُّلْحِ حَتَّى عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَرُدَّ إلَى الرِّقِّ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ بَدَلُ الصُّلْحِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيُبَاعُ فِيهِ وَإِذَا جَنَى جِنَايَةً خَطَأً فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ عَجَزَ وَرُدَّ إلَى الرِّقِّ يُخَيَّرُ مَوْلَاهُ بَيْنَ دَفْعِهِ بِالْجِنَايَةِ، وَالْفِدَاءِ بِإِشْهَادٍ وَلَا يُطَالَبُ الْعَبْدَ بِهَا لِلْحَالِ عِنْدَنَا.
وَقَالَ زُفَرُ يُطَالِبُ بِهَا لِلْحَالِ وَلَوْ عَجَزَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ فِيهِ اتِّفَاقًا إذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً خَطَأً فَقَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِمُوجِبِهَا جَنَى ثَانِيًا يَلْزَمُهُ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَنَا فَيَسْعَى لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَتَيْنِ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ.
وَقَالَ زُفَرُ يَلْزَمُهُ لِكُلِّ جِنَايَةٍ قِيمَةٌ عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا بَعْدَ مَا قَضَى عَلَيْهِ بِمُوجِبِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى يَجِبُ لِلثَّانِيَةِ قِيمَةٌ أُخْرَى اتِّفَاقًا مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ قُلْتُ وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ مَسَائِلِ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ فِي الْجِنَايَاتِ فَعَلَيْكَ بِالْمُرَاجَعَةِ فِيمَا لَمْ يُوجَدْ هُنَا.
وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَحُكْمُ الْوَلَدِ هُنَا حُكْمُ الْغَائِبِ مَعَ الْحَاضِرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى وَلَا لِلْأَبِ وِلَايَةُ إيجَابٍ عَلَى الصَّغِيرِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِفَقْدِ الْوِلَايَةِ وَيَتَعَلَّقُ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ