وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ يَصِيرُ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالْفُصُولَيْنِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُودَعُ صَبِيًّا مَحْجُورًا فَمَاتَ مُجْهِلًا لِمَا أُودِعَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ
وَكَذَا إذَا مَاتَ وَارِثُ الْمُودِعِ مُجْهَلًا لِمَا أُودِعَ عِنْدَ مُورِثِهِ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ مُجْهَلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ وَكَذَا إذَا مَاتَ مُجْهَلًا لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
قَالَ رَبُّهَا مَاتَ مُجْهَلًا وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: كَانَتْ مُعَرَّفَةً وَقَائِمَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ صُدِّقَ رَبُّهَا هُوَ الصَّحِيحُ إذْ الْوَدِيعَةُ صَارَتْ دَيْنًا فِي الظَّاهِرِ فِي التَّرِكَةِ فَلَا تُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَفِي قَاضِي خَانْ قَالَ ابْنُ شُجَاعٍ: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الطَّالِبِ وَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُورِثِ انْتَهَى.
وَلَوْ قَالَ وَرَثَتُهُ: رَدَّهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلِفَتْ فِي حَيَاتِهِ لَمْ تُصَدَّقْ بِلَا بَيِّنَةٍ لِمَوْتِهِ مُجْهِلًا فَتَقَرَّرَ الضَّمَانُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ بَرْهَنُوا أَنَّ الْمُودَعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ: رَدَدْتُهَا تُقْبَلُ إذْ الثَّابِتُ بِبَيِّنَةٍ كَالثَّابِتِ بِعِيَانٍ وَبِدُونِ الْبَيِّنَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ.
أَوْدَعَ نَحْوَ عِنَبٍ أَوْ بِطِّيخٍ وَغَابَ فَمَاتَ الْمُودَعُ ثُمَّ قَدِمَ الْمُودِعُ بَعْدَ مُدَّةٍ يَعْلَمُ أَنَّ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ لَا تَبْقَى فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَهِيَ دَيْنٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَالَهَا وَلَعَلَّ الْمُودَعَ أَتْلَفَهَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ.
لَوْ جُنَّ الْمُودَعُ جُنُونًا مُطْبَقًا فَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ صَارَتْ دَيْنًا فِي مَالِهِ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَيَأْخُذُ بِهَا ضَمِينًا ثِقَةً مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَفَاقَ الْمُودَعُ وَقَالَ: ضَاعَتْ أَوْ رَدَدْتُهَا أَوْ لَا أَدْرِي أَيْنَ هِيَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ.
رَجُلَانِ أَوْدَعَا أَلْفًا عِنْدَ رَجُلٍ فَمَاتَ الْمُودَعُ وَتَرَكَ ابْنًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الِابْنَ اسْتَهْلَكَهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَدْرِي مَا صَنَعْت فَلَا شَيْءَ لِمُدَّعِي الِاسْتِهْلَاكِ عَلَى الِابْنِ وَلِلْآخَرِ خَمْسُمِائَةٍ فِي مَالِ الْأَبِ وَلَا يُشْرِكُهُ صَاحِبُهُ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ: قَدْ رَدَدْت بَعْضَهَا وَمَاتَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فِيمَا أَخَذَ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ صَارَتْ دَيْنًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فِي مِقْدَارِ مَا أَخَذَ مَعَ يَمِينِهِ.
رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ وَدِيعَةً ثُمَّ مَاتَ الْمُودَعُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ قَالَ الشَّرِيكُ الْحَيُّ: ضَاعَتْ فِي يَدِ شَرِيكِي فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَكُ مُصَدَّقًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ صَارَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهَا ضَاعَتْ وَلِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِ أَحَدِهِمَا كَانَ بِمَكَانِ الْمُفَاوَضَةِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْمَوْتِ.
رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ جَارِيَةً قَالَ النَّاطِفِيُّ إنْ رَأَوْهَا حَيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَرَوْهَا حَيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ: وَرَثَتُهُ قَدْ مَاتَتْ أَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَوْ هَرَبَتْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ الضَّمَانَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ.
وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ وَيَبِيعَ فَمَاتَ الرَّجُلُ وَلَا يَدْرِي مَا فَعَلَ وَتَرَكَ رَقِيقًا يَصِيرُ الْمَالُ دَيْنًا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ أَنَّ أَبَاهُمْ قَدْ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا مِنْ قَاضِي خَانْ.
الْمُودَعُ وَالْمُضَارِبُ وَالْمُسْتَبْضِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَكُلُّ مَنْ كَانَ الْمَالُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَا تُعْرَفُ الْأَمَانَةُ