وجب أن ننظر فوجدنا من قال بترديد الأيمان من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: أن في كتاب لعمر بن عبد العزيز: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الأيمان أن يحلف الأولياء، فإن لم يكن عدد عصبته تبلغ خمسين رددت الأيمان عليهم بالغا ما بلغوا» .
ومن طريق ابن وهب، أخبرني محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسين يمينا ثم يحق دم المقتول إذا حلف عليه، ثم يقتل قاتله، أو تؤخذ ديته، ويحلف عليه أولياؤه من كانوا قليلا أو كثيرا، فمن ترك منهم اليمين ثبتت على من بقي ممن يحلف، فإن نكلوا كلهم حلف المدعى عليهم خمسين يمينا: ما قتلناه ثم يطل دمه، وإن نكلوا كلهم عقله المدعى عليهم، ولا يطل دم مسلم إذا ادعي إلا بخمسين يمينا.
قال أبو محمد رحمه الله: هذا لا شيء؛ لأنهما مرسلان والمرسل لا تقوم به حجة، أما حديث عمر بن عبد العزيز ففيه أن يحلف الأولياء وهذا لا يقول به الحنفيون، فإن تعلق به المالكيون، والشافعيون قيل للمالكيين: هو أيضا حجة عليكم؛ لأنه ليس فيه أن لا يحلف إلا اثنان، وأيضا فليس هو بأولى من المرسل الذي بعده من طريق ابن وهب، وهو مخالف لقول جميعهم؛ لأن فيه إن نكل الفريقان عقله المدعى عليهم ولا يقول به مالكي، ولا شافعي، وفيه القود بالقسامة، ولا يقول به حنفي ولا شافعي، وفيه ترديد الأيمان جملة دون تخصيص أن يكونا اثنين، كما يقول مالك (١)