للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - قال ابن قدامة:

(فصل) : ويحرم الربا في دار الحرب كتحريمه في دار الإسلام. وبه قال مالك والأوزاعي وأبو يوسف والشافعي وإسحاق. وقال أبو حنيفة: لا يجري الربا بين مسلم وحربي في دار الحرب، وعنه في مسلمين أسلما في دار الحرب: لا ربا بينهما. لما روى مكحول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا ربا بين المسلمين وأهل الحرب في دار الحرب (١) » ، ولأن أموالهم مباحة وإنما حظرها الأمان في دار الإسلام، فما لم يكن كذلك كان مباحا.

ولنا قول الله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٢) وقوله: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (٣) وقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (٤) وعموم الأخبار يقتضي تحريم التفاضل، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من زاد أو ازداد فقد أربى (٥) » عام، وكذلك سائر الأحاديث؛ ولأن ما كان محرما في دار الإسلام كان محرما في دار الحرب، كالربا بين المسلمين، وخبرهم مرسل لا نعرف صحته، ويحتمل أنه أراد النهي عن ذلك، ولا يجوز ترك ما ورد بتحريمه القرآن وتظاهرت به السنة. وانعقد الإجماع على تحريمه بخبر مجهول، لم يرد في صحيح ولا مسند ولا كتاب موثوق به وهو مع ذلك


(١) الحديث مرسل غريب، وهو يحتج بمرسل الثقة. والأصل في هذا عنده أن مال الحربي مباح الأصل، فالوسيلة لأخذه برضاه لا تخرجه عن أصل، بخلاف مال المستأمن والذمي. قالوا: ولذلك أجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - للصديق أكل القادر من بعض مشركي مكة لما راهنه على غلب الروم للفرس. وصرح بعضهم بأن المباح: أن يأخذ المسلم مال الحربي دون العكس.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٤) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٥) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧) ، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠) ، سنن النسائي البيوع (٤٥٦١) ، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٣١٤) ، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>