أ - بيان نوع الكتابة التي كانت معهودة عند العرب وقت نزول القرآن الكريم إن الكتابة في العرب كانت قليلة جدا، وقد تعلموها من أهل الأنبار، وكان الذي يغلب على زمان السلف الكتابة المتكوفة إلى أن هذبها أبو علي بن مقلة، ثم قربها علي بن هلال البغدادي، وسلك الناس طريقته، ولم تكن محكمة جدا في ذلك الزمان، ولهذا وقع اختلاف في كتابة المصاحف من جهة الصناعة لا من جهة المعنى، وألف العلماء في ذلك واعتنوا به.
قال ابن كثير: وقد كانت الكتابة في العرب قليلة جدا، وإنما أول ما تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبي وغيره: أن بشر بن عبد الملك أخا أكيدر دومة تعلم الخط من الأنبار، ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، وتعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلمه عمر بن الخطاب من حرب بن أمية، وتعلمه معاوية من عمه سفيان بن حرب، وقيل: إن أول من تعلمه من الأنبار قوم من طيء من قرية هناك يقال لها: بقة، ثم هذبوه ونشروه في جزيرة العرب فتعلمه الناس؛ ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: ثنا عبد الله بن محمد الزهري، ثنا سفيان عن مجاهد عن الشعبي قال: سألنا المهاجرين: من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار.