الموضوع الرابع: المقارنة بين المصالح التي بني عليها تشريح جثث الآدمي والمصالح التي بني عليها فقهاء الإسلام الاستثناء من قاعدة عصمة دماء بني آدم ووجوب تكريمهم ورعاية حرمتهم:
إن شريعة الإسلام تنزيل من حكيم حميد، عليم بما كان وما سيكون، وأنزلها على خير الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين، وجعلها قواعد كلية، ومقاصد سامية شاملة، فكانت تشريعا عاما خالدا صالحا لجميع طبقات الخلق في كل زمان ومكان.
إن كثيرا من الجزئيات والوقائع التي حدثت لا نجدها منصوصا عليها نفسها في الكتاب أو السنة، وربما لم تكن وقعت من قبل فلا يعرف لسلفنا الصالح فيها حكم، لكن يتبين لبحث علماء الإسلام عنها أنها مندرجة في قاعدة شرعية عامة، ومن ثم يعرف حكمها، ومسألة تشريح جثث موتى بني آدم لا تعدو أن تكون جزئية من هذه الجزئيات التي لم ينص عليها في نص خاص، فشأنها شأن الوقائع التي جدت، لا بد أن تكون مشمولة بقاعدة كلية من قواعد الشريعة، وراجعة لمقصد عام من مقاصدها العالية: (ضرورة كمال الشريعة وشمولها، وصلاحيتها لجميع الخلق، وختمها