نذكر فيما يلي كلام بعض الفقهاء السابقين في ضمان خطر الطريق وأسباب الضمان ثم ما تيسر من كلام فقهاء هذا العصر.
أما كلام الفقهاء السابقين:
فقال ابن عابدين في أثناء كلامه على السوكرة: فإن قلت: سيأتي قبيل باب كفالة الرجلين، قال لآخر: اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلكه وأخذ ماله لم يضمن، ولو قال: إن كان مخوفا وأخذ مالك فأنا ضامن، ضمن، وعلله الشارح هناك بأول ضمن الغار صفة السلامة للمغرور نصا. اهـ.
بخلاف الأولى فإنه لم ينص على الضمان بقوله: فأنا ضامن، وفي جامع الفصولين: الأصل أن المغرور إنما يرجع على الغار لو حصل الغرر في ضمن المعاوضة أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور فصار كقول الطحان لرب البر اجعله في الدلو فجعله فيه فذهب من النقب إلى الماء، وكان الطحان عالما به يضمن إذ غره في ضمن العقد وهو يقتضي السلامة. اهـ.
قلت: لا بد في مسألة التغرير من أن يكون الغار عالما بالخطر كما يدل عليه مسألة الطحان المذكورة، وأن يكون المغرور غير عالم إذ لا شك أن رب البر لو كان عالما بنقب الدلو يكون هو المضيع لماله باختياره ولفظ المغرور ينبئ عن ذلك لغة؛ لما في [القاموس] غره غرا وغرورا فهو مغرور وغرير خدعه وأطمعه بالباطل فاغتر هو. اهـ.
ولا يخفى أن صاحب السوكرة لا يقصد تغرير التجار، ولا يعلم بحصول الغرق هل يكون أم لا، وأما الخطر من اللصوص والقطاع فهو معلوم له وللتجار؛ لأنهم لا يعطون مال السوكرة إلا عند شدة الخوف طمعا