التأمين يجب على المؤمن أن يدفع للمستأمن قيمة ما ضمنه بعد وقوع الخطر، وإن كان مجهولا من حيث المبدأ.
والجواب عن هذا: يمكن أن يقال: لا يصح قياس عقد التأمين على ضمان المجهول وما لم يجب، ومنه ضمان السوق؛ لأنه قياس مع الفارق وبيان ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن الضمان من عقود التبرعات فاغتفرت فيه الجهالة من باب دفع المشقة واليسر على الناس، وأما عقد التأمين فهو من عقود المعاوضات فلا تغتفر فيه الجهالة.
الوجه الثاني: أن الضمان يتكون من أربعة أركان: ضامن، ومضمون له، ومضمون عنه، ومضمون، وفي التأمين: ثلاثة أركان: ضامن وهو الشركة، ومضمون له، وهو: المستأمن، ومضمون، وهو: ما تدفعه الشركة عند وقوع الخطر، وأما المضمون عنه فمفقود هنا فلا يصح أن يقاس عليه لفقد ركن من أركانه فالصورتان مختلفتان.
الوجه الثالث: صورة الضمان تختلف عن صورة التأمين من وجه آخر وهو: أن الضامن في الشريعة فرع والمضمون عنه أصل، والتأمين اعتبر فيه الضامن أصلا، ومن شرط القياس الاتفاق في الصورة.
الوجه الرابع: أن الضامن إذا دفع إلى المضمون له فإنه يرجع إلى المضمون عنه، ويأخذ منه ما دفعه فلا ضرر عليه، أما الشركة فإذا وقع الضرر فإنها تدفع ما وجب عليها ولا ترجع إلى أحد، فتقرر الضرر عليها، فلا يصح أن يقاس ما فيه ضرر على ما لا ضرر فيه.