رأينا أن الفقه الحنفي يعلل كيف يفسد الشرط الفاسد العقد بعلتين:
علة الربا، وعلة تعدد الصفقة، وتكاد العلتان تتعادلان في كتب الفقهاء، بل لعل علة الربا هي التي ترجح كفتها.
ولكن المتأمل فيما يورد الفقهاء عادة من أمثلة للشروط الفاسدة يرى أن فكرة الربا إنما اتخذت تكئة لتعزيز فكرة تعدد الصفقة، وإن فكرة تعدد الصفقة هي التي يجب أن نقف عندها، ولكن لما كانت هذه الفكرة إنما تمت إلى محض الصناعة الفقهية، فإن تعليل فساد العقد بها يكاد يكون خفيا، وهو على كل حال لا يبلغ من الوضوح ما يبلغه التعليل بفكرة الربا، فإن الربا في الفقه الإسلامي لا يكاد يلقي ظله على شيء إلا ويفسده، ومن ثم كان الأيسر على الفقهاء أن يلجئوا في تعليل فساد العقد إلى فكرة الربا، والواقع من الأمر أن فكرة تعدد الصفقة هي الفكرة التي تسيطر على فساد العقد المقترن بالشرط، بل إن فكرة الربا نفسها- لو سلمنا بها جدلا- ترد في النهاية إلى فكرة تعدد الصفقة، ذلك أن كل مثل يورده الفقهاء للشرط الفاسد الذي يفسد العقد يتضمن حتما صفقتين في صفقة واحدة