على أن هذا الشرط الفاسد الذي لا منفعة فيه لأحد لما لم يكن له مطالب لانعدام منفعته- والمطالبة إنما تتوجه بالمنفعة- فهو شرط لم يتمكن في صلب العقد حتى يسري فساده إلى العقد، ومن ثم يبقى العقد صحيحا بالرغم من سقوط الشرط، فالشرط من حيث أنه فاسد يسقط، ومن حيث إنه لا منفعة فيه لأحد يستبقي العقد صحيحا، وهذا هو الظاهر في المذهب الحنفي.
ويذكر المذهب لهذا الحكم علتين:
العلة الأولى: أن الشرط الذي يفسد العقد؛ إنما أفسده لأن فيه زيادة منفعة مشروطة في العقد لا يقابلها عوض، إذ هو شرط فيه منفعة على النحو الذي بيناه، فكان في ذلك ربا أو شبهة الربا، والربا وشبهته يفسدان العقود، أما الشرط الذي نحن بصدده فليس فيه منفعة لأحد ولا مطالب له، فلم يوجد فيه معنى الزيادة التي يقابلها عوض، فانعدمت فيه شبهة الربا، فلم يعد هناك مبرر لفساد العقد، فيبقى العقد صحيحا مع سقوط الشرط لفساده.
العلة الثانية: أن الشرط الذي يفسد العقد إنما أفسده من جهة أخرى؛ لأن فيه منفعة لها مطالب، فكان صفقة في صفقة أو عقدا تضمنه عقد آخر، وهذا لا يجوز، أما الشرط الذي لا منفعة فيه لأحد وليس له مطالب فهو ليس بصفقة أو عقد، فلم يتضمن البيع باقترانه به صفقة في صفقة، أو عقدا في عقد، فارتفع سبب الفساد عن البيع، فبقي على صحته مع سقوط الشرط لفساده.