ولا يخفى أن ظاهر ما ذكراه يطابق تاج الشريعة هنا. أقول: لا يذهب عليك أن الظاهر من إطلاقه جواب مسألة الكتاب هنا، ومن اقتضاء دليلها الذي ذكره المصنف ومن دلالة قوله فيما بعد، هذا الذي ذكرناه إذا ادعى الولي القتل على جميع أهل المحلة، وكذلك إذا ادعى على البعض لا بأعيانهم والدعوى في العمد والخطأ أن يكون الحبس إلى أن يحلف الناكل موجب النكول في كل واحدة من صورتي دعوى العمد ودعوى الخطأ، ومن هذا ترى أصحاب المتون قاطبة أطلقوا جواب هذه المسألة، وكذا أطلقه الإمام قاضي خان في [فتاواه] حيث قال: فإن امتنعوا عن اليمين حبسوا حتى يحلفوا. انتهى.
وكذا حال سائر ثقات الأئمة في تصانيفهم، وكأن صاحب العناية تنبه لهذا حيث قال في صدر هذا الباب: حكم القسامة القضاء بوجوب الدية على العاقلة في ثلاث سنين عندنا وعند الشافعي إذا حلفوا برئوا، وأما إذا أبوا القسامة فيحبسون حتى يحلفوا أو يقروا. انتهى، فإنه جرى في بيان حكمها أيضا على الإطلاق كما ترى.
ثم أقول: التحقيق هاهنا هو أن في جواب هذه المسألة روايتين إحداهما أنهم إن نكلوا حبسوا حتى يحلفوا على الإطلاق وهو ظاهر الروايتين عن أئمتنا الثلاثة، والأخرى أنهم إن نكلوا لا يحبسون، بل يقضي بالدية على عاقلتهم في ثلاث سنين بلا تقييد بدعوى الخطأ، وهو رواية الحسن بن زياد عن أبي يوسف، وقد أفصح عنه في المحيط البرهاني، حيث قال: ثم في كل موضع وجبت القسامة، وحلف القاضي خمسين رجلا فنكلوا عن الحلف حبسوا حتى يحلفوا، هكذا ذكر في الكتاب، وروى الحسن بن زياد عن أبي يوسف أنه قال: لا يحبسون ولكن يقضي