للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب عنه البيهقي بقوله: إنما كان ذلك من شدة حال الناس كان الرجل يفعله ليلا فنهى عنه ثم رخص في ذلك.

وأما المعنى: فمن وجهين ذكرهما عبد الرحمن بن قدامة:

أحدهما: أنه ليل يوم يجوز الذبح فيه فأشبه ليلة يوم النحر.

الثاني: أن الليل يتعذر فيه تفرقة اللحم في الغالب ولا يفرق طريا فيفوت بعض المقصود. وأجاب ابن حزم عن الدليل الأول فقال: هذا قياس، والقياس كله باطل، ثم لو كان حقا لكان هذا من عين الباطل؛ لأن يوم النحر هو مبدأ دخول وقت التضحية وما قبله ليس وقتا للتضحية ولا يختلفون معنا في أن من طلوع الشمس إلى أن يمضي بعد ابيضاضها وارتفاعها وقت واسع من يوم النحر لا يجوز فيه التضحية، فيلزمهم أن يقيسوا على ذلك اليوم ما بعده من أيام التضحية فلا يجيزون التضحية فيها إلا بعد مضي مثل ذلك الوقت وإلا فقد تناقضوا وظهر فساد قولهم، وما نعلم أحدا من السلف قبل مالك منع من التضحية ليلا.

القول الثاني: أنه يجوز الذبح ليلا بمنى:

قال ذلك أبو حنيفة، وروي عن مالك: إن فعل ذلك أجزأه، وقال به أشهب من المالكية، والشافعي، وهو رواية عن أحمد، وقول أكثر الصحابة، وبه قال ابن حزم، قال الباجي نقلا عن القاضي أبي الحسن: وقد روي عن مالك فيمن فعل ذلك أجزأه، ونقل الباجي القول عن أشهب فيه: أنه يجوز الذبح ليلا، وقال الشافعي رحمه الله: ويذبح في الليل والنهار، وإنما أكره ذبح الليل لئلا يخطئ رجل في الذبح، أو لا يوجد مساكين حاضرون، فأما إذا أصاب الذبح ووجد مساكين فسواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>