في هذه المسألة: أن الذكور الأقوياء لا يجوز لهم رمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، وأن الضعفة والنساء لا ينبغي التوقف في جواز رميهم بعد الصبح قبل طلوع الشمس؛ لحديث أسماء وابن عمر المتفق عليهما الصريحين في الترخيص لهم في ذلك، وأما رميهم - أعني: الضعفة والنساء قبل طلوع الفجر- فهو محل نظر فحديث عائشة عند أبي داود يقتضي جوازه وحديث ابن عباس عند أصحاب السنن يقتضي منعه. والقاعدة المقررة في علم الأصول هي: أن يجمع بين النصين إن أمكن الجمع وإلا فالترجيح بينهما، وقد جمعت بينهما جماعة من أهل العلم فجعلوا لرمي جمرة العقبة وقتين وقت فضيلة ووقت جواز، وحملوا حديث ابن عباس على وقت الفضيلة وحديث عائشة على وقت الجواز، وله وجه من النظر.
أما الذكور الأقوياء فلم يرد في الكتاب ولا السنة دليل يدل على جواز رميهم جمرة العقبة قبل طلوع الشمس؛ لأن جميع الأحاديث الواردة في الترخيص في ذلك كلها في الضعفة، وليس شيء منها في الأقوياء الذكور. انتهى المقصود.