للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التناسل والإنجاب، فمن انحرف عن ذلك أو عارضه فهو متحد لسنن الله في الكون مستوجب لغضبه وسخطه (١) .

ومن المعلوم: أن الأولاد منذ القديم كانوا أمنية الناس حتى الأنبياء المرسلين وسائر عباد الله الصالحين، وسيظلون كذلك ما سلمت فطرة الإنسان، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (٢)

ولما دعا إبراهيم قومه إلى توحيد الله وعبادته دون سواه، وصبر على أذاهم وثابر على دعوتهم - ألقوه في النار، وأنجاه الله منها، واعتزلهم وما يعبدون من دون الله - وهب له إسماعيل ثم إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب استجابة لقوله: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} (٣) بشره بإسماعيل أولا، ولما بلغ معه السعي ابتلاه فيه، وأمره بذبحه، وآثر امتثال أمر ربه على حبه لولده، وصدق في تنفيذ أمره، فبشره ثانيا بإسحاق نبيا من الصالحين، وجعل النبوة في ذرية خليله من بعده؛ جزاء كريما لصبره على الأذى في سبيل الدعوة إلى الله، ونجاحه أتم نجاح فيما ابتلاه الله به من كلمات.

فالأولاد نعمة تتعلق بها قلوب البشر وترجوها، لتأنس بها من الوحشة، وتقوى بها عند الوحدة، وتكون قرة عين لها في الدنيا والآخرة؛ ولذا طلبها إبراهيم الخليل عليه السلام فقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} (٤)


(١) [إحياء علوم الدين] (٢\ ٢٤- ٢٦) .
(٢) سورة الأعراف الآية ١٨٩
(٣) سورة الصافات الآية ١٠٠
(٤) سورة الصافات الآية ١٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>