للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو عرضت عليهم من قبل أن يقول قائلهم: إنها سحر أو ضرب من ضروب الخيال، وما ندري ما يسفر عنه المستقبل من شئون الحياة التي قدرها الله لعباده، وأودع لهم أصولها في أبواب السماء وخزائن الأرض، وجعل لهم من الأفكار والعلوم ما به يتمكنون من تسخيرها لمصالحهم وسعادتهم.

قال الله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} (١) {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (٢) {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} (٣)

ومن نظر في زيادة المساحة المعمورة من الأرض وتحويلها إلى قصور شاهقة وزروع مثمرة وجنات فيحاء ممتعة، ونظر إلى زيادة وسائل العيش وكثرتها وتنوعها - وجدها تتضاعف مضاعفة مطردة مع نمو السكان وزيادة عددهم، ولا عجب في ذلك، فإنهم الأيدي العاملة التي خلقها الله لعمارة الأرض وإنها لسنة الله سبحانه في عباده ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولولا ذلك لكانت الأرض خرابا يبابا، أو وقف بها العمران عند غاية تتفق مع عدد السكان وقدراتهم ومحارفهم حسبما تقضي به سنة الله سبحانه في الأسباب العادية ونتائجها، وإن الواقع لأقوى وأعدل شاهد لما تقدم، وإنه لدليل واضح على خطأ النظرية الاقتصادية التي بنى عليها دعاة تحديد النسل مقالتهم، وقد اضطر هذا الواقع كثيرا من علماء الاقتصاد أن يردوا على إخوانهم دعاة تحديد النسل مذهبهم، وأن يبينوا لهم مخالفته لواقع الحال وحقيقة الأمر؛ ولذلك أيضا رجع عن هذا الرأي كثير ممن كانوا يدعون إليه حينما أحسوا بعواقبه السيئة من ضعف في قوى حماية البلاد


(١) سورة الذاريات الآية ٢٠
(٢) سورة الذاريات الآية ٢١
(٣) سورة الذاريات الآية ٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>