رغاء، وإن كانت بقرة لها خوار، وإن كانت شاة تيعر، ثم رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ (١) » قالها مرتين أو ثلاثا.
والمقصود هنا: أن هذه الأعمال التي هي فرض على الكفاية متى لم يقم بها غير الإنسان صارت فرض عين عليه، لا سيما إن كان غيره عاجزا عنها، فإن كان الناس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم صار هذا العمل واجبا يجبرهم ولي الأمر عليه إذا امتنعوا عنه بعوض المثل، ولا يمكنهم من مطالبة الناس بزيادة عن عوض المثل، ولا يمكن الناس من ظلمهم بأن يعطوهم دون حقهم، كما إذا احتاج الجند المرصدون للجهاد إلى فلاحة أرضهم ألزم من صناعته الفلاحة بأن يصنعها لهم، فإن الجند يلزمون بأن لا يظلموا الفلاح، كما ألزم الفلاح أن يفلح للجند، والمزارعة جائزة في أصح قولي العلماء، وهي عمل المسلمين على عهد نبيهم وعهد خلفائه الراشدين، وعليها عمل آل أبي بكر وآل عمر وآل عثمان وآل علي وغيرهم من بيوت المهاجرين، وهي قول أكابر الصحابة، كابن مسعود، وهي مذهب فقهاء الحديث؛ كأحمد بن حنبل، وإسحاق بن خزيمة، وأبي بكر بن المنذر وغيرهم، ومذهب الليث بن سعد، وابن أبي ليلى، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن وغيرهم من فقهاء المسلمين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع حتى مات، ولم تزل تلك المعاملة حتى أجلاهم عمر من خيبر، وكان قد شارطهم أن يعمروها من أموالهم، وكان البذر منهم لا من النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء أن البذر يجوز أن يكون من العامل، بل طائفة من الصحابة قالوا لا يكون البذر إلا من العامل.
(١) صحيح البخاري الأيمان والنذور (٦٦٣٦) ، صحيح مسلم الإمارة (١٨٣٢) ، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٢٩٤٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٤٢٤) ، سنن الدارمي الزكاة (١٦٦٩) .