للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رسول الله، لو سعرت لنا، فقال: إن الله هو القابض الرازق، الباسط المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطالبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال (١) » رواه أبو داود والترمذي وصححه، فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم، وقد ارتفع السعر - إما لقلة الشيء وإما لكثرة الخلق - فهذا إلى الله. فإلزام الناس أن يبيعوا بقيمة بعينها: إكراه بغير حق.

وأما القسم الثاني: فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها، مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، والتسعير ههنا إلزام - بالعدل الذي ألزمهم الله به.

فصل: ومن أقبح الظلم: إيجار الحانوت على الطريق، أو في القرية، بأجرة معينة على أن لا يبيع أحد غيره، فبهذا ظلم حرام على المؤجر والمستأجر، وهو نوع من أخذ أموال الناس قهرا، وأكلها بالباطل، وفاعله قد تحجر واسعا، فيخاف عليه أن يحجر الله عنه رحمته كما حجر على الناس فضله ورزقه.

فصل: ومن ذلك أن يلزم الناس أن لا يبيع الطعام أو غيره من الأصناف إلا ناس معروفون، فلا تباع تلك السلع إلا لهم، ثم يبيعونها هم بما يريدون، فلو باع غيرهم ذلك منع وعوقب، فهذا من البغي في الأرض والفساد والظلم الذي يحبس به قطر السماء، وهؤلاء يجب التسعير عليهم، وألا يبيعوا إلا بقيمة المثل، ولا يشتروا إلا بقيمة المثل، بلا تردد في ذلك عند أحد من العلماء؛ لأنه إذا منع غيرهم أن يبيع ذلك النوع أو


(١) سنن الترمذي البيوع (١٣١٤) ، سنن أبو داود البيوع (٣٤٥١) ، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٠٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/١٥٦) ، سنن الدارمي البيوع (٢٥٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>