ما يرونه مذكى عندهم حل لنا أكله، وإن لم تكن ذكاته عندنا ذكاة، وما لا يرونه مذكى لا يحل، ويرجع إلى قصد تذكيته لتحليله وعدمه، كما يعلم ذلك من التتائي على المختصر عند قول المصنف، أو مجوسيا تنصر وذبح لنفسه إلخ، ولم يفهم من عبارة أحد من هؤلاء المحققين أن ما أفتى به ابن العربي مذهب له وحده، بل كل واحد وافقه على أنه مذهب المالكية.
وبيان ذلك: أن مذهب المالكية جميعا العمل بعموم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}(١) فكل ما كان من طعامهم فهو حل لنا، سواء كان يحل لنا باعتبار شريعتنا أو لا، فالمعتبر في حل طعامهم ما هو حلال لهم في شريعتهم، ولا يعتبر ذلك بشريعتنا، ويدل لذلك النصوص والتعاليل الآتية وهو: ما جرى عليه مالك وأصحابه فيما ذبحوه للصليب أو لعيسى أو لكنائسهم، قال الزياتي في شرح القصيدة: الرابع: لما ذبح للصليب أو لعيسى أو كنائسهم يكره أكله، بهرام عن ابن القاسم: وما ذبحوه وما سموا عليه باسم المسيح فهو بمنزلة ما ذبحوه لكنائسهم، وكذلك ما ذبحوه للصليب، وقال سحنون وابن لبابة: هو حرام؛ لأنه مما أهل لغير الله به، وذهب ابن وهب للجواز من غير كراهة. اهـ. وفي القلشاني: أن أشهب يرى أيضا الكراهة فيما ذبح للمسيح كابن القاسم، وقال: يباح أكله، وقد أباح الله ذبائحهم لنا وقد علم ما يفعلونه. وذكر القلشاني أيضا فيما ذبحوه لكنائسهم ثلاثة أقوال: التحريم، والكراهة، والإباحة، وأن مذهب [المدونة] الكراهة، ونقل المواق عن مالك كراهة ما ذبح لجبريل عليه السلام. اهـ.
وفي [منح الجليل] عن الرماصي: أجاز مالك رضي الله عنه [المدونة]