للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذبح باسم المسيح لم يجز أن يؤكل شيء من ذبائحهم إلا أن يسأل: هل سمى عليه المسيح أو ذبح للكنيسة، بل لا يجوز، إن أخبر أنه لا يسمى المسيح؛ لأنه غير صادق، وإذا لم يجب ذلك حلت ذبائحهم كيف كانت. اهـ.

فانظر كيف تضافرت كل هذه النصوص كباقي نصوص جميع المالكية على إناطة الحل والحرمة بكونه حلالا عندهم، أي: يأكلونه وعدمه، وهذا بعينه ما قصد إليه ابن العربي والحفار، وقال أهل المذهب: كلهم يقولون ويفتون بحل طعام أهل الكتاب، ومن جهة أخرى تعلم أن الذبح للصليب لم يكن من الشريعة المسيحية الحقة؛ لأنه حادث بعده، إذ منشؤه حادثة الصلب المشهورة، فكل هذا يفيد أن المعتبر عند المالكية هو حلال عند أهل الكتاب في شريعتهم التي هم عليها، ومنه يعلم أيضا ما هو المراد من الميتة في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (١) وأنها التي لم يقصد ذكاتها، كما يعلم أنه يجب تقييد المنخنقة وما معها بما لم تقصد ذكاته ويكون هذا في المنخنقة وما معها بدليل {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (٢) كما سبق، ومنه يتضح: أن المراد بالميتة في قولهم: (إن كان الكتابي يأكل الميتة فلا تأكل ما غاب إلخ) إنها ما لم تقصد ذكاتها؛ لأن القصد إلى الذكاة لا بد منه من مسلم أو كتابي حتى لو قطع رقبة الحيوان بقصد تجريب السيف أو اللعب - لا يحل كما تقدم، ومنه يعلم أن الميتة المذكورة بالنسبة للكتابي هي الميتة عنده، وهي التي لم يقصد ذكاتها، لا الميتة عندنا، ويتبين منه أيضا: أن الشروط المذكورة للفقهاء في الذبائح والذكاة إنما هي بيان ما يلزم في الإسلام بالنسبة للمسلم لا لغيره. اهـ.


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) سورة المائدة الآية ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>