أقول: إنه رحمه الله تعالى حرم ما ذكروا اسم غير الله عليه بأقيسة على مسائل خلافية جعلها نظيرا للمسألة، وقيد بها إطلاق القرآن، ومخالفوه في ذلك - كمالك وغيره - لا يجيزون تخصيص الآية بمثل هذه الأقيسة التي غاية ما تدل عليه أن تخصيص القرآن جائز بالدليل، ولهم أن يقولوا لنا: لا نسلم أن المسلم الذي يترك التسمية تهاونا واستخفافا لا تحل ذبيحته، وإذا سلمناه جدلا نمنع قياس الكتابي عليه فيما ذكره، ولا محل هنا لبيان المنع بالتفصيل في هذا القياس وفيما بعده وهو أبعد منه، والظاهر ما تقدم من نصوص المالكية من أن ما ذبحوه لغير الله إن كانوا لا يأكلونه فهو غير حل للمسلم، وإن كانوا يأكلونه فهو من طعامهم الذي أطلق الله تعالى حله وهو يعلم ما يقولون وما يفعلون، وهذا القول يظهر لنا نكتة التعبير بالطعام دون المذبوح أو المذكى؛ لأن من المذكى ما هو عبادة محضة لا يذكونه لأجل أكله.
٢ - ذهب الشافعي: إلى أن ذبائح نصارى العرب لا تؤكل، واحتج بأثر رواه عن عمر رضي الله عنه قال:(ما نصارى العرب بأهل كتاب، وما تحل لنا ذبائحهم، وما أنا بتاركهم حتى يسلموا أو أضرب أعناقهم) وبقول علي المشهور في بني تغلب (١) .
فأما أثر علي كرم الله وجهه - وقد تقدم - فهو حجة على الشافعي لا له؛ لأنه خاص ببعض العرب مصرح فيه بأنهم ليسوا نصارى، وأما أثر عمر رضي الله عنه فرواه في [الأم] عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وقد ضعفه الجمهور، وصرح بعضهم بكذبه، وممن طعن فيه مالك وأحمد،