للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحيوان، أوجب عليه إذا أراد الانتفاع به على الوجه الأكمل أن يذكيه ليكون له منه قوت طيب خالص من شوائب القذر والدنس، وتلك نعمة يجب عليه أن يشكر المنعم المتفضل بها، وهو إنما يكون بتمجيد الله تعالى وذكر اسمه وحده عند الذبح، والإعلام بأنه إنما أقدم عليه بإذن الله وإباحته.

وروي عن عبادة بن الصامت وأبي الدرداء وأبي أمامة الترخيص في ذبائح أهل الكتاب إذا ذكروا عليها اسم غير الله، وإليه ذهب عطاء والشعبي والليث وفقهاء الشام: الأوزاعي ومكحول وسعيد بن عبد العزيز، وقالوا: إن التحريم في قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} (١) مقصور على ذبائح عبدة الأوثان الذين يهلون عند الذبح بأوثانهم، كما كان يفعله العرب، أما أهل الكتاب فإن الله سبحانه أحل ذبائحهم بقوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٢) والمراد: ذبائحهم، كما ذهب إليه ابن عباس وجمهور المفسرين، مع علمه تعالى بأنهم يهلون على ذبائحهم باسم المسيح وأنهم لا يزالون يقولون ذلك.

فعلى هذا القول تحل ذبيحة الكتابي، سواء سمى المسيح أو الصليب، ذبحها لعيد أو كنيسة؛ لأنه كتابي قد ذبح لدينه، وكانت هذه ذبائحهم قبل نزول القرآن وأحلها في كتابه. اهـ. من [العمدة] للعيني، و [أحكام القرآن] للجصاص، و [المغني] لابن قدامة، و [المحلى] لابن حزم، و [روح المعاني] للألوسي المفسر، وغيرهم.

وقد رجح مذهب الجمهور بأن حل ذبائح أهل الكتاب في آية المائدة مشروط بالإهلال عليها باسم الله وحده جمعا بين الآيتين، فإذا أهل باسمه تعالى حلت ذبيحته كالمسلم سواء، وإذا أهل بغيره تعالى حرمت كالمسلم


(١) سورة البقرة الآية ١٧٣
(٢) سورة المائدة الآية ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>