للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريعة، فإنها الحنيفية السمحة، بخلاف ما لو علق الحكم بالحساب، والعلماء به قليل بالنسبة لسواد الأمة، فإنه يلزمهم ما لا يخفى من الحرج الذي يتنافى مع مقاصد الشريعة.

واعترض عليها أيضا: بأن لفظ الرؤية وإن كان خاصا حسب ظاهره بما يكون بالبصر فإن معناه عام، إذا القصد العلم أو غلبة الظن بوجود الهلال مفارقا للشمس بعد اجتماعه بها وتأخره عنها بعد الغروب أو بوجوده مع إمكان رؤيته، لا خصوص الرؤية بالبصر، فإن الرؤية اعتبرت لكونها وسيلة للعلم أو غلبة الظن، وهذا لا يمنع من أن تكون هناك وسيلة أخرى في معناها يعرف بها وجود الهلال فقط، أو وجوده مع إمكان رؤيته، فإذا وجدت اعتبرت، وقد تحقق هذا في علم النجوم ومنازل القمر.

ويمكن أن يجاب: بأن الرؤية في الحديث بصرية؛ لتعديها لمفعول واحد، ولأن الصحابة فهموا ذلك، وجرى عليه العمل في عهدهم، ولو كان معنى الرؤية أوسع من لفظها لكان الصحابة أفهم له منا، ولرجعوا عند الحاجة إلى الحساب؛ لوجودهم بين أظهرهم، وإن كانوا قلة.

قال ابن بزيزة: نهت الشريعة عن الخوض في علوم النجوم؛ لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع، ولا ظن غالب، مع أنها لو ارتبط الأمر بها لضاق الأمر، إذ لا يعرفها إلا القليل.

وقال ابن بطال وغيره: معنى الحديث: إننا لم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، إنما ربطت عبادتنا بأعلام واضحة، وأمور ظاهرة، يستوي في معرفة ذلك الحساب وغيرهم.

٢ - واستدلوا أيضا: بقوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (١)


(١) سورة البقرة الآية ١٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>