للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس راكبة (١) » متفق عليه، ولأن طوافه صلى الله عليه وسلم راكبا لعذر - كما يشير إليه قول ابن عباس - كثر عليه الناس، يقولون: هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا تضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليه ركب. رواه مسلم، واختار الموفق والشارح: يجزئ السعي راكبا ولو لغير عذر. اهـ.

مما تقدم يتبين: أنه يجوز للحاج والمعتمر أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة راكبا لعذر باتفاق، ولا شيء عليه، أما غير المعذور فله أن يسعى راكبا لكن المشي له أفضل، وفي طوافه راكبا خلاف، فقيل: يجزئه ولا شيء عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف طواف الزيارة راكبا، وقيل يجزئه وعليه دم جبرا؛ لأن الطواف له حكم الصلاة في الجملة، والمفترض لا يصلي محمولا، ولأن ركوبه صلى الله عليه وسلم في الطواف كان لوجع في رجله أو ليراه الناس فيسألوه، وقيل: لا يجزئه لحديث: «الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام (٢) » والمفترض لا تصح صلاته راكبا لغير عذر، وطواف النبي صلى الله عليه وسلم راكبا كان لعذر كما تقدم.

وعلى هذا يمكن أن يقال بإجزاء السعي على سقف المسعى؛ بل بجوازه، وإن كان المشي أفضل لشبهه بالسعي راكبا بعيرا ونحوه، إذ الكل غير مباشر للأرض في سعيه، وخاصة أنه لم يرد في السعي ما يلحقه بالصلاة في حكمها؛ بل أنه أولى من الطواف راكبا بالإجزاء، فإذا صح الطواف راكبا لعذر صح السعي فوق سقف المسعى لعذر، وفي سعيه فوقه لغير عذر يكون فيه الخلاف في جوازه وإجزائه، وأخيرا إن اعتبر في إجزاء


(١) صحيح البخاري كتاب الصلاة (٤٦٤) ، صحيح مسلم الحج (١٢٧٦) ، سنن النسائي كتاب مناسك الحج (٢٩٢٥) ، سنن أبو داود المناسك (١٨٨٢) ، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩٦١) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣١٩) ، موطأ مالك الحج (٨٣٢) .
(٢) سنن النسائي مناسك الحج (٢٩٢٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>