سخط فلم يجز الانتفاع به؛ فرارا من سخط الله، وقال:"أعلفوه الإبل" قال مالك: إن ما لا يجوز استعماله من الطعام والشراب يجوز أن تعلفه الإبل والبهائم، إذ لا تكليف عليها. اهـ.
وفي [الإقناع وشرحه] ما نصه: ولا يباح ماء آبار ديار ثمود غير بئر الناقة. . . إلى أن قال: فظاهره، أي: ظاهر القول بتحريم ماء غير بئر الناقة من ديار ثمود لا تصح الطهارة، أي: الوضوء والغسل به؛ لتحريم استعماله؛ كماء مغصوب، أو ماء ثمنه المعين حرام في البيع، فلا يصح الوضوء بذلك، ولا الغسل به؛ لحديث: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (١) » . . . إلى أن قال: ولا يستعمله؛ لأنه ممنوع منه شرعا فهو كالمعدوم حسا. اهـ.
وحيث اتجه القول إلى أن علة المنع: اشتماله على وصف لازم له، وهو كونه ماء سخط، فإن الثمار الناتجة من مزارع وبساتين تلك الديار المسقاة بتلك الآبار شبيهة بالطحين المعجون بماء هذه الآبار، إن لم تكن أولى منها. ذلك أن العجين بمائها مركب من أمرين: مباح، هو: الطحين، ومحرم، هو: الماء، أما الثمار فمحتواها لا يخرج عن تربة تلك الديار، ومياه آبارها، والقول باستحالة حرمة هذه المياه حينما تحولت إلى ثمار قياسا على النجاسة غير صحيح -فيما أرى- قياس مع الفارق، فإن الشيء المتنجس يزول بغسله، أو باستحالته، أما التحريم فلا يزول إلا بزوال الوصف الموجب له، كاستحالة الخمر إلى خل، فإن الوصف الموجب لتحريمها الإسكار، وباستحالتها إلى خل زال ذلك الوصف، فصارت حلالا. وتحريم مياه هذه الآبار -لكونها مياه سخط أو لأي وصف آخر-
(١) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/١٨٠) .