للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة عمل عليه وأخذ به، وقد منع بعض الفقهاء من اعتزى إلى مذهب أن يحكم بغيره فمنع الشافعي أن يحكم بقول أبي حنيفة، ومنع الحنفي أن يحكم بمذهب الشافعي إذا أداه اجتهاده إليه لما يتوجه إليه من التهمة والممايلة في القضاء والأحكام، وإذا حكم بمذهب لا يتعداه كان أنفى للتهمة، وأرضى للخصوم، وهذا وإن كانت السياسة تقتضيه فأحكام الشرع لا توجبه؛ لأن التقليد فيها محظور، والاجتهاد فيها مستحق. وإذا نفذ قضاؤه بحكم وتجدد مثله من بعد أعاد الاجتهاد فيه، وقضى بما أداه اجتهاده إليه، وإن خالف ما تقدم من حكمه، فإن عمر رضي الله تعالى عنه قضى في المشتركة بالتشريك في عام، وترك التشريك في غيره، فقيل له: ما هكذا حكمت في العام الماضي؟ فقال: تلك على ما قضينا، وهذه على ما نقضي.

٢ - وبعد (١) أن ذكر الرملي: أن الاجتهاد شرط في تولية القضاء، قال بعد ذلك: فلا يتولى جاهل بالأحكام الشرعية، ولا مقلد وهو: من حفظ مذهب إمامه لكنه غير عارف بغوامضه وقاصر عن تقرير أدلته؛ لأنه لا يصلح للفتوى، فالقضاء أولى. . . ومضى إلى أن قال: واجتماع ذلك كله إنما هو شرط للمجتهد المطلق الذي يفتي في جميع أبواب الفقه، إما مقلد لا يعدو مذهب إمام خاص فليس عليه غير معرفة قواعد إمامه، وليراع فيها ما يراعيه المطلق في قوانين الشرع، فإنه مع المجتهد، كالمجتهد في نصوص الشرع، ومن ثم لم يكن له العدول عن نص إمامه، كما لا يجوز له


(١) [نهاية المحتاج] (٨ \ ٢٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>