برأيه؛ لأن الحق لا يعدوهم، فإن أبا يوسف كان صاحب حديث حتى روي أنه قال: أحفظ عشرين ألف حديث من المنسوخ، فإذا كان يحفظ من المنسوخ هذا القدر، فما ظنك بالناسخ، وكان صاحب فقه ومعنى أيضا، ومحمد صاحب قريحة يعرف أحوال الناس وعاداتهم، وصاحب فقه ومعنى؛ ولهذا قل رجوعه في المسائل، وكان مقدما في معرفة اللغة، وله معرفة في الأحاديث أيضا.
وأبو حنيفة رحمه الله كان مقدما في ذلك كله، إلا أنه قلت روايته لمذهب خاص له في باب الحديث، وهو أنه إنما تحل رواية الحديث عنده إذا كان يحفظ الحديث من حين سمع إلى أن يروى. ثم ذكر بعد ذلك طريقة الأخذ فيما إذا اختلف بعضهم عن بعض.
٨ - وقال (١) أيضا في معرض بحثه نقض القاضي أحكام نفسه- قال ما نصه:
وذكر القاضي أبو بكر الرازي الخلاف فيما إذا قضى بخلاف مذهبه وقد نسيه، فأما متى حكم بخلاف مذهبه حال ذكر مذهبه لا يجوز حكمه بالإجماع. . أما إذا لم يكن للقاضي رأي وقت القضاء فقضى برأي غيره، ثم ظهر للقاضي رأي بخلاف ما قضى هل ينقض قضاؤه؟ قال محمد: ينقض قضاؤه؛ لأن رأيه في حق وجوب القضاء عليه بمنزلة النص؛ لأنه
(١) [معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام] ص (٢٨) ، طبعة بولاق.