للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما بحث هذا الموضوع، ونحن نسوق ذلك:

قال (١) عيسى بن مسعود الزواوي في أثناء الكلام الذي دار بين الإمام مالك وبين أبي جعفر المنصور، قال مالك: ثم قال لي: قد أردت أن أجعل هذا العلم علما واحدا، أكتب به إلى أمراء الأجناد وإلى القضاة فيعلمون به، فمن خالف ضربت عنقه، فقلت: يا أمير المؤمنين، أو غير ذلك إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في هذه الأمة فكان يبعث السرايا، وكان يخرج فلم يفتح من البلاد كثيرا حتى قبضه الله عز وجل ثم قام أبو بكر رضي الله عنه فلم يفتح من البلاد كثيرا حتى قبضه الله عز وجل، ثم قام عمر رضي الله عنه ففتحت البلاد على يديه، فلم يجد بدا أن يبعث أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم معلمين، فلم يزل يؤخذ عنهم كابرا عن كابر إلى يومنا هذا، فإن ذهبت تولهم عما يعرفون إلى ما لا يعرفون رأوا ذلك كفرا، فأقر أهل كل بلد على ما فيها من العلم، وخذ هذا العلم لنفسك، فقال لي: ما أبعدت هذا القول، اكتب هذا العلم لمحمد.

وقال الزواوي أيضا نقلا عن الشافعي (٢) : بعث أبو جعفر المنصور إلى مالك لما قدم المدينة، فقال له: إن الناس قد اختلفوا في العراق فضع للناس كتابا تجمعهم عليه، فوضع [الموطأ] ، وقال الزواوي أيضا: (وقال غيره) أي: الشافعي: إن أبا جعفر لما قال لمالك: ضع كتابا في العلم نجمع الناس عليه، قال له مع ذلك: اجتنب فيه شواذ ابن عباس وشذوذ ابن عمر ورخص ابن مسعود، فقال له مالك: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين أن


(١) [مناقب الإمام مالك] وهو [فقه المدونة] (١ \ ٢٥، ٢٦) .
(٢) [تزيين الممالك بمناقب مالك مع المدونة] (١\ ٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>