كتاب أبحاث هيئة كبار العلماء

رابعا أقوال فقهاء الإسلام قديما وحديثا في إلزام ولاة الأمور القضاء أن يحكموا بمذهب معين أو رأي معين - نقول عن بعض الفقهاء المعاصرين الذين يدعون إلى هذه الفكرة - ج: 3 - ص: 191

وفيما يلي تفصيل ذلك مع المناقشة.

أولا: الدواعي والأسباب التي تبرر التدوين والإلزام:

أ- وقوع أحكام اجتهادية متناقضة في قضايا متماثلة أدت إلى اتهام القضاة باتباع الهوى فيما يقضون. . إلخ، ويمكن أن يناقش ذلك بأن أحكام القضاة التي قيل فيها: إنها متناقضة قد يكون اختلاف الحكم فيها ناشئا عن اختلاف الظروف والأحوال في القضيتين، وتابعا للملابسات والدلائل والأمارات المختلفة فيهما، فيظن من نظر إلى أصل القضيتين دون ما أحاط بهما تماثل القضيتين، ويحكم بتناقض الحكم فيهما حسب نظره، والواقع أنه لا تناقض، بل هذا من اختلاف الحكم لاختلاف الملابسات، وقد يكون تقابل الحكمين واختلافهما ناشئا عن اختلاف اجتهاد القاضيين، أو عن تغير اجتهاد القاضي، وهذا سائغ شرعا، بل الواجب على القاضي أن يحكم بما أداه إليه اجتهاده حين الفصل في القضية الحاضرة، ولو خالف اجتهاده فيها اجتهاده في قضية سابقة مماثلة، وإن قدر أنه لم يفعل ذلك كان آثما، ولهذا نظير في أحكام الخلفاء الراشدين، بل اختلف الحكم في قضاء الصحابي الواحد، مثاله: ما حكم به عمر بن الخطاب في قضية ميراث، ومثيلتها من حرمان الإخوة الأشقاء أولا من الميراث في قضية وتشريكهم مع الإخوة للأم في الثلث بعد ذلك في مثيلة