للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البضع الثابت بالنكاح، نحن أحدثنا أسباب تلك الأحكام، والشارع أثبت الحكم لثبوت سببه منا، لم يثبته ابتداء، كما أثبت إيجاب الواجبات وتحريم المحرمات المبتدأة، فإذا كنا نحن المثبتين لذلك الحكم، ولم يحرم الشارع علينا رفعه لم يحرم علينا رفعه

فمن اشترى عينا فالشارع أحلها له وحرمها على غيره؛ لإثباته سبب ذلك، وهو الملك الثابت بالبيع

وما لم يحرم الشارع عليه رفع ذلك فله أن يرفع ما أثبته على أي وجه أحب ما لم يحرمه الشارع عليه، كمن أعطى رجلا مالا فالأصل أن لا يحرم عليه التصرف فيه، وإن كان مزيلا للملك الذي أثبته المعطي ما لم يمنع مانع، وهذا نكتة المسألة التي يتبين بها مأخذها، وهو أن الأحكام الجزئية- من حل هذا المال لزيد وحرمته على عمرو- لم يشرعها الشارع شرعا جزئيا، وإنما شرعها شرعا كليا.

مثل قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (١) وقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (٢) وقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (٣)

وهذا الحكم الكلي ثابت، سواء وجد هذا البيع المعين أو لم يوجد، فإذا وجد بيع معين أثبت ملكا معينا، فهذا المعين سببه فعل العبد، فإذا رفعه العبد فإنما رفع ما أثبته هو بفعله لا ما أثبته الله من الحكم الجزئي إنما هو تابع لفعل العبد سببه فقط؛ لأن الشارع أثبته ابتداء.


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٢) سورة النساء الآية ٢٤
(٣) سورة النساء الآية ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>