رأوا رجحان قول يخالف ما قد اختير لهم عرض على هيئة كبار العلماء، فإن أيدوه جعلوه بدلا مما اختير من قبل، وإلا مضوا على ما كان.
وقد تقدم مناقشة هذه الفكرة وبيان الآثار المرتبة عليها، ويزاد هنا أن الإلزام ينافي تخويل الاجتهاد للقاضي المتأهل للترجيح وحسن الاختيار على تقدير أن الهيئة لم تقنع برأيه، وأبقت على ما رآه ضعيفا وعرضه عليها، أما على تقدير اقتناعها برأيه والتعديل على مقتضى ما رجح عنده- فيلزم اختلاف الحكم وتناقضه في قضيتين متماثلتين حكم في إحداهما قبل التعديل وفي الأخرى بعده، وقد يتكرر مثل هذا الاجتهاد، ويوافق عليه، وتعدل! المادة، فيزداد ما سمي من قبل تناقضا، وتعود المشكلة جذعة، ويتكرر ما سمي مأساة ومدعاة للتهرب من القضاء أمام المحاكم الشرعية، وسببا لإباء الأجانب من التحاكم إليها، ولم يطمئن بذلك من وفق أعماله قبل الإقدام عليها مع الأقوال الراجحة؛ لتوقعه التعديل والتغيير. . إلخ، وربما كان استمرار التعديل ذريعة إلى تعديل بعض الأقوال الفقهية بقوانين وضعية- لا سمح الله- كما حصل في بعض الدول الأخرى على ما سبق ذكره في النبذة التاريخية لمراحل التدوين، والأدلة الشرعية دالة دلالة قاطعة على وجوب سد الذرائع، والقضاء على وسائل الشر ومسالكه.
ب- وقد يقال: إن المشكلة نشأت من أسباب كثيرة، من قصور بعض القضاة، ومن التوسع في تعيينهم حتى في قرى ربما يكفيها متعلم يقوم بالوعظ والإرشاد، وإمامة المسجد، وخطبة الجمعة، وعقود الأنكحة ونحو ذلك، ومن قضايا جديدة في نوعها ربما يقال: إنها لم يسبق لها نظير ولم يتبين لها حلول، إلى غير ذلك مما يشابهه.