للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الشريعة، وما يؤنس هذا المكان ويوضحه؟ فأجاب عن هذا السؤال: لا غرو في ذلك ولا نكير، بل الله تعالى قرر الواجبات، والمندوبات والمحرمات، والمكروهات، والمباحات، على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله سبحانه وتعالى عليه في كتابه الكريم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١)

ومع ذلك قرر في أصل شريعته: أن للمكلف أن ينشئ الوجوب فيما ليس بواجب في أصل الشرع، فينقل أي مندوب شاء، فيجعله واجبا عليه، وخصص ذلك بالمندوبات، وخصص الطريق الناقل للمندوبات إلى الواجبات بطريق واحد وهو النذر، فالنذر إنشاء للوجوب في المندوب. وقرر الله تعالى أيضا الإنشاء للمكلف في صورة أخرى. . له أن ينشئ السببية في المندوبات، والواجبات، والمحرمات، والمكروهات، والمباحات، وما ليس فيه حكم شرعي البتة، كفعل النائم. . إلخ.

ومع ذلك فلكل مكلف أن يجعل أي ذلك شاء سببا لطلاق امرأته، أو عتق عبده. . إلخ، فعمم صاحب الشرع في هذا الباب جميع الأشياء في المجعول سببا، وخصص في الطريق المجعول به، فعينه في التعليق، وفي الباب الأول خصص فيهما، فعين المجعول فيه في المندوب، وخصص الطريق بالنذر، فهذا الباب خاص، والأول خاص وعام.

وإذا تقرر أن الله تعالى جعل لكل مكلف، وإن كان عاميا جاهلا الإنشاء في الشريعة لغير ضرورة- فأولى أن يجعل الإنشاء للحكام مع علمهم


(١) سورة المائدة الآية ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>