إلى الآستانة، فصدرت إرادة السلطان عبد الحميد بمنع تمثيل القصة وأمثالها.
فإن قيل: إن بعض مسلمي مصر كأولئك المتعلمين القائلين بالجواز لا يعدون ذلك إهانة ولا إزراء، إذ لا يخفى على مسلم أن إهانة الأنبياء أو الإزراء بهم أقل ما يقال فيه: إنه من كبائر المعاصي، وقد يكون كفرا صريحا وردة عن الإسلام.
نقول: إنما العبرة في العرف بالجمهور الذي تربى على آداب الإسلام وأحكامه، لا بالأفراد القلائل، ومن غلبت عليهم التقاليد الإفرنجية، حتى صاروا يفضلونها على الآداب الإسلامية، كذلك القاضي الأهلي الذي حكم ببراءة أستاذ مدرسة أميرية غازل امرأة محصنة وتصباها، وكاشفها بافتتانه بجمالها، حتى هجره الرقاد، وواصله السهاد، فشكت المحصنة هذه الوقاحة إلى زوجها فرفع الزوج الأمر إلى قاضي العقوبات طالبا تعزير ذلك العادي المفتات، فكان رأي القاضي أن مغازلة المحصنات الحسان وتصبيهن، يحتمل ذلك الكلام الذي يفسدهن على أزواجهن، لا يقتضي سجنا ولا غرامة، ولا تأنيبا، ولا ملامة؛ لأنه إظهار لحب الحسن والجمال، وهو من ترقي الذوق وآيات الكمال، ولكن ما رآه هذا القاضي المتفرنج حسنا وكمالا، رآه السواد الأعظم من المسلمين نقصا قبيحا، وأنكره عليه في الجرائد، حتى منعتها مراقبة المطبوعات من التمادي في الإنكار، واستأنف الزوج الحكم فنقضه الاستئناف، وحكم بأن كلام ذلك الأستاذ جريمة منافية للآداب. ولو حاول بعض أجواق التمثيل تمثيل قصة أحد الرسل الكرام- عليهم الصلاة والسلام- لرأوا من إنكار العلماء