وهذا رأي غير مدروس، فقد ثبت بالتجربة أن العمل الفني عن دين ما يجب أن يضطلع به رجل يعتنق هذا الدين ويؤمن به في قرارته، ولقد كنت في الولايات المتحدة عند عرض فيلم (الوصايا العشر) والذي لا يعرفه أكثر الناس أن النقاد اليهود قابلوا الفيلم بجفوة، ووصفوه بأنه جنسيا أكثر منه دينيا، ونقموا على مخرج الفيلم اختياره لتمثيل دور فرعون نجما محبوبا (يول برينز) أكثر من الذي قام بدور موسى (شارلتون هستون) ، ولو أن (سيسل ديميل) كان يهوديا لتلافى هذا النقد، أو لما كان عمله موضع شبهة. وشبيه بذلك ما قرأته أخيرا عن رفض مدينة (سلبي) بمقاطعة (يوركشير) الإنجليزية تمثالا ضخما للسيد المسيح من صنع المثال اليهودي (أبشتاين) بحجة أن ملامح التمثال تدل على القسوة والفظاظة، إنني أول من يمني النفس بكتابة قصة عمر رضي الله عنه للسينما، ولكن في الوقت ذاته أعتقد أن قصورنا الفني لن يحقق في الوقت الحالي مثل هذه الأمنية، حينما نستطيع أن نخرج أفلاما عن أمجادنا الدينية في نفس المستوى الذي يخرج فيه الغرب أمثال هذه الأفلام عن أمجاده، فإن التردد والاعتراض يكونان وقتئذ خطأ كبيرا.
من أجل ذلك أعتقد أن مشيخة الأزهر كانت موفقة في رأيها الخاص في قصة (يوسف الصديق) ، كما كانت كذلك غير متناقضة مع نفسها حينما لم تبادر فتعترض على حديث نشر في (الأهرام) عام ١٩٥٥م جاء فيه: أن (سيسل ديميل) يبحث عن ممثل يسند إليه القيام بتسجيل (صوت الله) باللغة العربية في الطبعة التي ستوزع من فيلم (الوصايا العشر) في البلاد الإسلامية؛ لأنه ونحن الآن في عام ١٩٥٩م لم يعرض الفيلم المذكور بعد