واختلفوا في استثناء بعض المنفعة كسكنى الدار شهرا، أو استخدام العبد شهرا، أو ركوب الدابة مدة معينة أو إلى بلد بعينه، مع اتفاق الفقهاء المشهورين وأتباعهم وجمهور الصحابة على أن ذلك قد يقع، كما إذا اشترى أمة مزوجة، فإن منفعة بضعها التي يملكها الزوج لم تدخل في العقد، كما اشترت عائشة بريرة وكانت مزوجة، لكن هي اشترتها بشرط العتق، فلم تملك التصرف فيها إلا بالعتق، والعتق لا ينافي نكاحها، فلذلك كان ابن عباس رضي الله عنهما- وهو ممن روى حديث بريرة - يرى أن بيع الأمة طلاقها مع طائفة من الصحابة تأويلا لقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}(١) قالوا: فإذا ابتاعها أو اتهبها أو ورثها فقد ملكتها يمينه فتباح له، ولا يكون ذلك إلا بزوال ملك الزوج، واحتج بعض الفقهاء على ذلك: بحديث بريرة.
فلم يرض أحمد هذه الحجة؛ لأن ابن عباس رواه وخالفه، وذلك- والله أعلم- لما ذكرته من أن عائشة لم تملك بريرة ملكا مطلقا.
ثم الفقهاء قاطبة وجمهور الصحابة على أن الأمة المزوجة إذا انتقل الملك فيها- ببيع أو هبة أو إرث أو نحو ذلك وكان مالكها معصوم الملك- لم يزل عنها ملك الزوج، وملكها المشتري ونحوه إلا منفعة البضع.
ومن حجتهم: أن البائع نفسه لو أراد أن يزيل ملك الزوج لم يمكنه ذلك، فالمشتري الذي هو دون البائع لا يكون أقوى منه، ولا يكون الملك