أن ذلك الاستعمال كثير، قال النووي في شرح قول ضمام بن ثعلبة:(يا محمد، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك) قال: قوله: (زعم) و (تزعم) مع تصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياه دليل على أن (زعم) ليس مخصوصا بالكذب والقول المشكوك فيه، بل يكون أيضا في القول المحقق والصدق الذي لا شك فيه، وقد جاء من هذا كثير في الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"زعم جبريل كذا"، وقد أكثر سيبويه وهو إمام العربية في كتابه الذي هو إمام كتب العربية من قوله:(زعم الخليل)(زعم أبو الخطاب) يريد بذلك: القول المحقق، وقد نقل ذلك جماعات من أهل اللغة وغيرهم، ونقله أبو عمرو الزاهد في [شرح الفصيح] عن شيخه أبي العباس ثعلب عن العلماء باللغة من الكوفيين والبصريين. اهـ.
وقال الحافظ في [الفتح] في كتاب العلم في شرح قول ضمام بن ثعلبة المتقدم: إن الزعم يطلق على القول المحقق أيضا، كما نقله أبو عمرو الزاهد في شرح فصيح ثعلب، وأكثر سيبويه من قوله:(زعم الخليل) في مقام الاحتجاج.
ومما استدل به الحافظ في [فتح الباري] لاستعمال الزعم بمعنى القول المحقق قول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في حديثه في (المواقيت) : ويزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ويهل أهل اليمن من يلملم (١) » يعني: ابن عمر بقوله: (يزعمون) : الصحابة. قلت: ويشهد لكون (يزعمون) في رواية عبد الرزاق المتقدمة عن ابن جريج، عن عطاء وغيره من أصحاب ابن جريج بمعنى: القول المحقق- رواية عبد الرزاق الأخرى التي ذكرها
(١) صحيح البخاري الحج (١٥٢٥) ، سنن النسائي مناسك الحج (٢٦٥٢) ، سنن أبو داود المناسك (١٧٣٧) ، سنن ابن ماجه المناسك (٢٩١٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٧) ، موطأ مالك الحج (٧٣٤) ، سنن الدارمي المناسك (١٧٩٠) .