للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فترجح لديها أن مكانه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر وبعض من خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - في سقع البيت، ثم أخره عمر أول مرة؛ مخافة التشويش على الطائفين، ورده المرة الثانية حين حمله السيل إلى ذلك الموضع الذي وضعه فيه أول مرة.

قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (١) بعد ذكره الأحاديث الواردة في الصلاة عنده- قال: قلت: وقد كان هذا المقام ملصقا بجدار الكعبة قديما، ومكانه معروف اليوم إلى جانب الباب مما يلي الحجر يمنة الداخل من الباب في البقعة المستقلة هناك، وكان الخليل - عليه السلام - لما فرغ من بناء البيت وضعه إلى جدار الكعبة، أو أنه انتهى عنده البناء فتركه هناك؛ ولهذا- والله أعلم- أمر بالصلاة هناك عند الفراغ من الطواف، وناسب أن يكون عند مقام إبراهيم حيث انتهى بناء الكعبة فيه، وإنما أخره عن جدار الكعبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أحد الأئمة المهديين، والخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباعهم، وهو أحد الرجلين اللذين قال فيهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر، وعمر (٢) » ، وهو الذي نزل القرآن بوفاقه في الصلاة عنده؛ ولهذا لم ينكر ذلك أحد من الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -.

قال عبد الرزاق: عن ابن جريج، حدثني عطاء وغيره من أصحابنا، قال: أول من نقله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال عبد الرزاق أيضا: عن معمر، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال: أول من أخر المقام إلى موضعه الآن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال الحافظ أبو بكر أحمد


(١) سورة البقرة الآية ١٢٥
(٢) سنن الترمذي المناقب (٣٦٦٢) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٩٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٣٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>