وأما السنة: أ- ما ثبت أن جارية وجدت قد رض رأسها بين حجرين، فسألوها: من صنع هذا بك؟ فلان؟ فلان؟ حتى ذكروا يهوديا، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقر، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرضوا رأسه بالحجارة.
قالوا: قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل اليهودي، ولم يجعل ذلك إلى أولياء الجارية، ولو كان القتل قصاصا لكان الحق لأوليائها، ولم يضرب عنهم صفحا، فدل ذلك على أنه قتله حدا لا قودا.
ب- ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل العرنيين الذين قتلوا الرعاة قتل حرابة وغيلة، ولم ينقل أنه جعل لأولياء الرعاة الخيار، ولو كان قتله إياهم قصاصا لشاورهم وطلب رأيهم، فدل على أنه قتلهم حدا لا قودا.
وبذلك يتبين أن قتل الغيلة له حكم خاص يختلف عن حكم سائر القتل العمد العدوان.
ونوقش الاستدلال بالحديثين: بأن عدم نقل مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم أولياء الجارية والرعاة لا يدل على عدم المشاورة ولا على ثبوتها، فلا يصح أن يخصص هذان الحديثان أدلة عموم القصاص بالقتل العمد العدوان، ثم إن العرنيين جمعوا بين جريمة القتل والسرقة والتمثيل أو الردة فقتلوا حدا، ولا يلزم منه أن يقتل حدا كل من لم يحصل منه إلا القتل وحده وإن كان غيلة. ثم مراعاة المماثلة في تنفيذ العقوبة دليل على أن قتل اليهودي