للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذنا منهم كل ما قالوه بالتقليد الأعمى، وما منشأ ذلك إلا أن جماعة منهم بهروا الناس بقوة استخدامهم للمادة واستنباطهم لقوى الطبيعة مما لا نغمطهم حقهم فيه، فكان لمجتمعهم في النفوس عزة الغلبة فأسلم الناس القياد لهم شأن كل غالب مع كل مغلوب، وإلا فمتى وزنت تلك التصرفات بميزان العقل السليم والنقد النزيه وجد ضررها أكبر من نفعها، وهكذا شأن أغلب المضار المنهي عنها لمصلحة المجتمع تجد ضررها أكبر من نفعها، فلا تكاد ترى شيئا تمخض للضرر بدون وجه نفع، وتمخض للنفع بدون وجه ضرر حتى إن الخمر والميسر وهما ما هما في الضرر لم يخلوا عن نفع ما، ولكنه ضئيل إذا قيس بكبير ضررهما، كما قال جل شأنه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (١) وشأن التشريع الصحيح أن يعتمد على الموازنة بين النفع والضرر، فما غلب نفعه أحله وما غلب ضرره حرمه، والله عليم حكيم (٢) .


(١) سورة البقرة الآية ٢١٩
(٢) [مجلة الأزهر] (١\٣٦٧) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>