للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرعا، بل من النوع المقبول، فإن قيل: إن الأمان ليس مالا يقابل بعوض، قلنا: إن الأمان أعظم ثمرات الحياة، وهو الذي امتن الله به على قريش بقوله: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} (١) {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} (٢) وإن الإنسان يسعى ويكد ويكدح ويبذل أغلى الأثمان من ماله وراحته في سبيل الحصول على الأمان والاطمئنان لنفسه ولأسرته ولحقوقهم ولمستقبلهم، فأي دليل في الشرع يثبت أنه لا يجوز الحصول عليه لقاء مقابل؛ هذا تحكم في شرع الله.

وإننا نجد في بعض العقود القديمة المتفق بين جميع المذاهب الفقهية على شرعيتها ما يشهد لجواز بذل المال بطريق التعاقد بغية الاطمئنان والأمان على الأموال ذلك هو عقد الاستئجار على الحراسة (٣) .

وأجاب الأستاذ أبو زهرة عن ذلك فقال: ولقد قرر المانعون لعقد التأمين غير التعاوني أن فيه غررا، فمحل العقد فيه غير ثابت، وغير محقق الوجود، فيكون كبيع ما تخرجه شبكة الصائد، وكبيع ما يكون في بطن الحيوان، ووجه المشابهة: أن المبيع في هذه الصور غير معلوم محله وغير مؤكد الوجود، بل الوجود فيه احتمالي، وكذلك التأمين غير التعاوني محل العقد غير ثابت، فما هو محل العقد؟ أهو المدفوع من المستأمن، أم المدفوع من الشركة المؤمنة، أم هما معا باعتبار أن ذلك العقد من الصرف، ولا يكون مخرجا إلا على ذلك النحو، ولا شك أن ما يدفعه المستأمن غير


(١) سورة قريش الآية ٣
(٢) سورة قريش الآية ٤
(٣) [أسبوع الفقه الإسلامي] (ص ٤٠١) وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>