تكون المعاوضة يدا بيد، ولم يتحقق ذلك في عقود التأمين، بل تفاوت العوضان، وعجل أحدهما وأخر الآخر فلزم أن تكون عقود التأمين ربوية مع ما فيها من الخطر والمقامرة.
ويمكن أن يجاب عن شبهة وجود الربا في عمليات التأمين: بأن عمليات التأمين ليست نقودا بنقود، وإنما هي بيع وشراء، فالمؤمن له يشتري الأمان من المؤمن بما يدفعه له من أقساط، والمؤمن يعطيه الأمان فإذا وقع ما يخل بالأمان اتجه الضمان على ذلك فدفع المؤمن للمؤمن له ما يقابل ما ضمنه له من أمان عجز عن تحقيقه له.
ونوقش ذلك: بأن المعاوضة في التأمين تقع بين ما يدفعه المؤمن له من الأقساط مقدما ومبلغ التأمين الذي تعهد المؤمن بدفعه للمؤمن له أو عنه أو للمستفيد، ثم نشأ عن ذلك ما سمي أمانا، وليس فيه بيع ولا شراء لأمان.
المناقشة الثانية: للصديق محمد الأمين الضرير:
قال: والواقع أنه ليس من اليسير اعتبار التأمين من القمار فإن القمار في الأصل هو الرهان على اللعب بشيء من الآلات المعدة له، ومنه الميسر الذي حرمه الله في القرآن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(١) يقول أبو حيان في [تفسيره] : الميسر: قمار أهل الجاهلية، فقد كان عرب الجاهلية يطلقون لفظة الميسر غالبا على المقامرة بالأقداح لاقتسام الجزور، فكلمة القمار في الأصل أعم من كلمة الميسر، ولكن الفقهاء أطلقوا الميسر على جميع