للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كلام الفقهاء المعاصرين في هذا الدليل:

فقال الأستاذ طه السنوسي:

ولاء الموالاة في التشريع الإسلامي هو عبارة عن رابطة قانونية بين شخصين بمقتضاها يتعاقدان على أن يعقل أولهما وهو (مولى الموالاة) عن الآخر وهو (المعقول عنه) إذا جنى أن يدفع الدية في مقابل ميراثه منه إذا توفي غير مخلف وارثا قط. وقد اختلف في صحة هذا العقد ونفاذه من حيث كونه سببا من أسباب الميراث ويمكن إجمال وجهات النظر في هذا الصدد في رأيين، قال: أولهما بصحته وجوازه واعتباره سببا للإرث، وقال: ثانيهما ببطلانه ورفضه سببا له.

الرأي القائل بالرفض والبطلان: قال بهذا الرأي جمهور الفقهاء، ومنهم الشافعي ومالك وأحمد وأسانيده تتلخص في أربعة:

أولها: ورد نص صريح في القرآن المصدر الأول للتشريع الإسلامي هو قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (١) بمقتضاه يكون ذو القرابات بعضهم أولى ببعض في الإرث من التوارث بسبب عقد الموالاة ذلك العقد الذي عرف في الجاهلية.

وثانيها: ورود نص ثابت في الحديث المصدر الثاني للتشريع، بمقتضاه «الولاء لمن أعتق (٢) » وهو يحصر الولاء في نوع واحد هو ولاء العتاقة، وعلى ذلك يعتبر باطلا كل ولاء سواه.

وثالثها: أن عقد الموالاة فيه في الواقع وصية بجميع المال، والوصية بجميع المال ممن لا وارث له غير جائزة عند الشافعي؛ لأن وارث من لا وارث له هو جماعة المسلمين ولا يستطيع المورث أن يبطل حق هذه


(١) سورة الأحزاب الآية ٦
(٢) صحيح البخاري الزكاة (١٤٩٣) ، سنن الترمذي البيوع (١٢٥٦) ، سنن أبو داود العتق (٣٩٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>