المعنى مؤكد إياه على ما نذكره إن شاء الله تعالى، فيلحق بالشرط الذي هو من مقتضيات العقد، وذلك نحو ما إذا باع على أن يعطيه المشتري بالثمن رهنا أو كفيلا، والرهن معلوم والكفيل حاضر فقبل.
وجملة الكلام في البيع بشرط إعطاء الرهن: أن الرهن لا يخلو؛ إما أن يكون معلوما أو مجهولا، فإن كان معلوما فالبيع جائز استحسانا، والقياس ألا يجوز؛ لأن الشرط الذي يخالف مقتضى العقد مفسد في الأصل، وشرط الرهن والكفالة مما يخالف مقتضى العقد فكان مفسدا، إلا أنا استحسنا الجواز؛ لأن هذا الشرط لو كان مخالفا مقتضى العقد صورة فهو موافق له معنى؛ لأن الرهن بالثمن شرع توثيقا للثمن، وكذا الكفالة فإن حق البائع يتأكد بالرهن والكفالة، فكان كل واحد منهما مقررا لمقتضى العقد معنى، فأشبه اشتراط صفة الجودة للثمن، وأنه لا يوجب فساد العقد، فكذا هذا، ولو قبل المشتري المبيع على هذا الشرط ثم امتنع من تسليم الرهن لا يجبر على التسليم عند أصحابنا الثلاثة، وعند زفر: يجبر عليه.
وجه قوله: أن الرهن إذا شرط في البيع فقد صار حقا من حقوقه، والجبر على التسليم من حقوق البييع فيجبر عليه.
ولنا أن الرهن عقد تبرع في الأصل، واشتراطه في البيع لا يخرجه عن أن يكون تبرعا، والجبر على التبرع ليس بمشروع، فلا يجبر عليه، ولكن يقال له: إما أن تدفع الرهن أو قيمته أو تؤدي الثمن أو يفسخ البائع البيع؛ لأن البائع لم يرض بزوال البيع عن ملكه إلا بوثيقة الرهن أو بقيمته لأن قيمته تقوم مقامه؛ ولأن الدين يستوفى من مالية الرهن وهي قيمته، وإذا أدى الثمن فقد حصل المقصود فلا معنى للفسخ، ولو امتنع المشتري من هذه