للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما تقسيم مالك فلا وجه له، ولا برهان يعضده لا من قرآن ولا سنة ولا قول صاحب ولا قياس.

فإن قالوا: قد أضر به إذ كلفه من أجل وعده عملا ونفقة. قلنا: فهبكم إنه كما تقولون، من أين وجب على من أضر بآخر وظلمه وغره أن يغرم له مالا؟ ما علمنا هذا في دين الله تعالى إلا حيث جاء به النص فقط، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه.

وأما من ذهب إلى قول ابن شبرمة فإنهم احتجوا بقول الله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (١) والخبر الصحيح من طريق عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر (٢) » (٣) .

والآخر الثابت من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من علامة النفاق ثلاثة وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان (٤) » (٥) .

فهذان أثران في غاية الصحة، وآثار أخر لا تصح، أحدها من طريق الليث عن ابن عجلان أن رجلا من موالي عبد الله بن عامر بن ربيعة العدوي حدثه عن عبد الله بن عامر «قالت لي أمي: هاه تعال أعطك، فقال لها رسول


(١) سورة الصف الآية ٣
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٣٤) ، صحيح مسلم الإيمان (٥٨) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٣٢) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٢٠) ، سنن أبو داود السنة (٤٦٨٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٨٩) .
(٣) متفق عليه.
(٤) صحيح البخاري الإيمان (٣٣) ، صحيح مسلم الإيمان (٥٩) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٣١) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٢١) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٥٣٦) .
(٥) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>