للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرضا من إنجاز الوعد والعهد إلا على من وعد بواجب عليه، كإنصاف من دين أو أداء حق فقط، وأيضا فإن من وعد وحلف واستثنى فقد سقط عنه الحنث بالنص والإجماع المتيقن، فإذا سقط عنه الحنث لم يلزمه فعل ما حلف عليه، ولا فرق بين وعد أقسم عليه وبين وعد لم يقسم عليه، وأيضا فإن الله تعالى يقول: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} (١) {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٢) فصح تحريم الوعد بغير استثناء، فوجب أن من وعد ولم يستثن فقد عصى الله تعالى في وعده ذلك، ولا يجوز أن يجبر أحد أحدا على معصية، فإن استثنى فقال: إن شاء الله تعالى، أو إلا أن يشاء الله تعالى أو نحوه مما يعلقه بإرادة الله عز وجل فلا يكون مخلفا لوعده إن لم يفعل؛ لأنه إنما وعده أن يفعل إن شاء الله تعالى، وقد علمنا أن الله تعالى لو شاء لأنفذه فإن لم ينفذه فلم يشأ الله تعالى كونه.

وقول الله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (٣) على هذا أيضا مما يلزمهم كالذي وصف الله تعالى عنه إذ يقول: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} (٤) {فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} (٥) {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ} (٦) فصح ما قلنا؛ لأن الصدقة واجبة، والكون من الصالحين واجب، فالوعد والعهد بذلك فرضان فرض إنجازهما، وبالله التوفيق،


(١) سورة الكهف الآية ٢٣
(٢) سورة الكهف الآية ٢٤
(٣) سورة الصف الآية ٣
(٤) سورة التوبة الآية ٧٥
(٥) سورة التوبة الآية ٧٦
(٦) سورة التوبة الآية ٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>