للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المختار] نقلا عن المعراج ما نصه: إن العاقلة يتحملون باعتبار تقصيرهم وتركهم حفظه ومراقبته وخصوا بالضم؛ لأنه إنما قصر لقوته بأنصاره، فكانوا هم المقصرين، وكانوا قبل الشرع الإسلامي يتحملون عنه تكرما واصطناعا بالمعروف، فالشرع قرر ذلك - أي: أوجبه وجعله إلزاميا - وتوجد هذه العادة بين الناس، فإن لحقه خسران من سرقة أو حرق يجمعون له مالا لهذا المعنى. انتهى كلام ابن عابدين.

أقول: إن هذا الكلام صريح في أن نظام العواقل في الإسلام أصله عادة حسنة تعاونية كانت قائمة قبل الإسلام في توزيع المصيبة المالية الناشئة من القتل أو من الحرق أو السرقة ونحوها بغية تخفيف ضررها عن كاهل من لحقته؛ جبرا لمصابه، وإحياء لحقوق الضحايا في الجنايات، وقد أقر الشرع الفكرة لما فيها من مصلحة مزدوجة وجعلها إلزامية في جناية القتل؛ لأن فيها مسئولية متعدية بسبب التناصر، وذلك بعد إخراج حالة العمد منها كما يقتضيه التنظيم القانوني، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا تعقل العواقل عمدا (١) » ، لكي لا يكون في معاونة العامة تشجيع على الجريمة، وهذا هو المنطق القانوني نفسه في عدم جواز التأمين من المسئولية قانونا عن فعل الغش وجناية العمد. وتركها اختيارة للمروءات؛ وفقا للتوجيه الشرعي العام في التعاون المندوب إليه شرعا في الكوارث المالية الأخرى.


(١) روى هذا الحديث ابن عباس موقوفا عليه من رواية محمد بن الحسن. وروي مرفوعا وهو غريب. انظر [نصب الراية] للزيلعي (٤ \ ٣٩٩) ، كتاب المعاقل، الحديث الخامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>