وجوابي على هذه الملاحظة: أن الخلاف في جواز المشارطات العقدية التي لم يرد فيها نص شرعي إذا توافر فيها المعيار الشرعي في الشروط هو نفسه الخلاف في جواز إنشاء عقود جديدة لم يرد فيها نص شرعي وهو مشمول بقاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة) والخلاف الذي فيها، وذلك لأن الشرط جزء من العقد الواقع فيه، فما يقال في الشروط الجديدة التي لم يرد فيها نص شرعي من حيث الجواز وعدمه يقال في العقود الجديدة التي ليس فيها نص، وأستاذنا المفضال أبو زهرة نفسه يقرر هذا في كتبه وهو أمر مفروغ منه. اهـ.
وقال الأستاذ الجليل أبو زهرة: بمناسبة ذكرى بيع الوفاء شاهدا من الواقع التاريخي في الفقه الإسلامي على جواز عقود جديدة غير العقود المعروفة قبلا قال رحمه الله: إن بيع الوفاء قد أباحه الحنفية على أساس أنه عقد من العقود المعروفة، وهو يرى أنه ليس عقدا جديدا، بل هو بيع ربوي اخترعه أكلة الربا، ولا يجوز أن يباح للضرورة.
وجوابي على هذه الملاحظة: أن ما بينه الأستاذ أبو زهرة هو صحيح بالنسبة إلى بداية ظهور بيع الوفاء في القرن الخامس الهجري، حيث إن فقهاء العصر إذ ذاك اختلفوا في تخريجه والحكم فيه على أساس إلحاقه بأحد العقود المعروفة، فمنهم من ألحقه بالبيع الصحيح واعتبر شرط الوفاء والإعادة فيه لغوا، ومنهم من ألحقه بالبيع الفاسد، ومنهم من ألحقه بالرهن وهم الأكثر، ولكن المتأخرين من الفقهاء بعد ذلك ضربوا بكل هذه التخريجات عرض الحائط؛ لعدم انطباقها على حقيقة بيع الوفاء وطبيعته